أرسل لي الأخ الجنابي من تركيا وهو رجل يشتغل في تجديد الفكر الإسلامي معلومة تفيد أن آية العنكبوت استخدمت للتأنيث أي ان العنكبوت في الآية استخدمت مؤنثة وليس بلفظة التذكير (الذكر) وهو مايحصل في عالم الحشرات حيث أن من يبني البيت هو فعلا أنثى العنكبوت وليس الذكر.
ورجعت أنا من طرفي لتحري المعلومة فثبت أمران الأول ليس في صالح جماعة الإزعاج العلمي في القرآن والسنة (عفوا الأعجاز) وهو ان لفظة العنكبوت تستخدم مرة للذكر وأخرى للأنثى فيمكن أن تقول جاء العنكبوت وجاءت. أما الثانية فهي في صالحهم وفعلا فإن من يبني البيت هي الأنثى ولكن من أعجب عالم العناكب وتبلغ أنواعها 37 ألف نوع أنها تأكل صغارها بل تلتهم الذكر ليلة النكاح.
ومما لفت نظري في قناة الديسكفري عرض 13 نوعا من عالم الحيوانات والحشرات وكان ممن جاء ذكر العنكبوت والسر في خيوطها وقد كتبت عن ذلك أيضا مقالة. وعالم الحشرات فيه العجيب والغريب والمفيد. ومما أذكر أن الأفكار البسيطة قادت إلى كشوفات عجيبة مثل تحطيم حصيات الكلية بأمواج مافوق صوتية مما حرض عندي قدرة التصور عن أثر الموجات في الصخور. في هذا هناك آية تقول لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون خلق الله السموات والأرض بالحق. والمهم فقصىة خيطان أو خيوط العنكبوت لفتت نظر العلماء والدارسين ليكنشفوا فيها سرا عجيبا.
ومما أتذكر من فرقة شهود يهود أن القرآن يذكر الحشرات والحيوانات فرأوها عيبا وهي أمور رائعة من لفت النظر إلى مايوجد في الكون من حولنا. فالنمل والنحل والهدهد والطير كلها عوالم يقول عنها الله وما من طائر يطير بجناحيه ولا دابة في الأرض إلا أمم أمثالكم وما تغني الآيات والنذر عن قوم لايؤمنون.
ويشير القرآن الكريم إلى أن أوهن البيوت هو بيت العنكبوت، لكن العلم الحديث يوضح أن خيوط العنكبوت هي أصلب من الفولاذ، فكيف يمكن فهم المسألتين؟ لقد استطاع الباحثون في جامعة «بيرويت» الألمانية تصنيع خيوط العنكبوت، بالصفات نفسها من المتانة والمطاطية كما في الطبيعة. ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف فقد تعرفوا للمرة الأولى إلى تفاصيل مهمة في كيفية صناعة العنكبوت لخيوطها المميزة، وقلدوها في المختبر تماماً كما تفعل العنكبوت. \
لكن كيف تصنع العنكبوت خيوطها؟
حسبما لاحظ الباحثون، فإن أول ما تفعله العنكبوت هو صناعة كرات من بروتينات حرير خصوصية (في حدود سبعة بروتينات كما أشارت لذلك قناة ديسكوفري) وتخزنها في غدة خاصة للغزل، وعند الحاجة تعصر الغدة هذه البروتينات، لتنكمش على نفسها آنذاك، ومنه يتشكل الخيط، وتقوم العنكبوت، وبواسطة الساق الخلفية، باستخراج الخيط من قناة الغزل.
والمدهش ليس في عملية الغزل وإنما الطريقة والكيفية التي تحضر بها العنكبوت مادة الحرير. هذا ما قاله الباحث توماس شايبل، رئيس فريق الدراسة، حيث أوضح أن بروتينات الحرير يتم تحضيرها، بحيث إنها لا تنكمش مع بعضها بعضاً في الوقت نفسه، بل تكون جاهزة للطلب عند صناعة الخيط. وتعتبر خيوط العنكبوت من أكثر عناصر الطبيعة ثباتاً وقوة، وهي بإمكانها، على سبيل المثال، أن تحسن آليات أكياس امتصاص الصدمة في السيارات، وأن تدخل في صناعة صدريات ممتازة ضد ضربات الرصاص يلبسها رجال الشرطة وأمن مكافحة الإرهاب، بل وحتى لحماية صدور الشخصيات المهمة في المناسبات الخطيرة.. لكن تبقى مشكلة حماية الجماجم وهي الأهم! وحسب تحري قوة الخيط يمكن لخيط مضفور من خيوط العنكبوت، بسمك أصبع اليد، أن يوقف طيران بوينج 777 في قمة اندفاعها.
ويذكر في التاريخ أن جنكيزخان كان يحمي صدور مقاتليه المهمة بقمصان من خيوط العنكبوت. والمؤكد أن هذه الخيوط يمكن استخدامها في العلاج الطبي للجروح، بسبب تأثيرها الشافي للإصابات، وكذلك من أجل تصفيح الشرايين الصناعية داخلياً كدعامة حافظة. لقد أسس الدكتور توماس شايبل صناعة جديدة لشركته «آمسيلك» لإنتاج الحديد البيولوجي «بيوستيل».
وقد وقفت طويلاً بين كلمتي خيط العنكبوت وبيت العنكبوت، ورجعت إلى محرك البحث «جوجل»، لأجد أن الكثيرين وقفوا أيضاً أمام هذا التعارض الظاهر. ومن اللافت للنظر في الآية الكريمة حول بيت العنكبوت أنها أردفت بآية أخرى تقول إن الأمثال تضرب للناس وما يعقلها إلا العالمون. رُوي عن أحد الصالحين قوله، إنه إذا مر على مثل من الأمثال في القرآن، وهي كثيرة عن النمل والنحل والطير والهدهد والفيل والبقرة.. كان يبكي ويردد: الويل لي إن لم أفهمها، فأنا لست من العالمين.
وفيما يتعلق بالفرق بين البيت والخيط، هناك جدل يجب استيعابه، فقد يكون الخيط من أمتن ما يمكن والبيت من أضعف ما يمكن، وفي القرآن أنه يخلق من الموت الحياة وبالعكس، ومن القوة ضعفاً وبالعكس، ومن بين فرث ودم لبنا سائغاً للشاربين. وشخصياً، ما زلت على قول الرجل الصالح، إذ أبكي على نفسي لأنني لم أصل إلى قرارة الفهم الذي يريحني في هذه الآية الكريمة.