الجنس والثقافة (2) 

  ...........  بقلم خالص جلبي   ...........

وهكذا يتفوق الذكر بقسوته وجحوده في الوقت الذي تتفوق المرأة بالرحمة والحب والوفاء. فإذا ماتت عن الرجل زوجته فكروا له بالعروس ولما تدفن الزوجة بعد وزوَّجوه في أيام. وإذا مات عن المرأة بعلها حفظت وده واعتنت بالأولاد وعاشت مدبرة وهي خصلة للغالبية الساحقة من النساء قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله. وإذا عجزت المرأة رماها الى بيت أهلها براتب أو بدونه، وإذا وقع سدت عيبته وسترت عورته ورفعت من تحته قاذوراته حتى الممات.  

وينتهي (بيتر فارب) الى مفارقة عجيبة وهي أن الجنس الأنثوي هو الذي يجب أن يسود لأنه: (الجنس الأطول عمرا والأكثر صحة والأقل عرضة للحوادث والمساوي للذكر في الذكاء) ولكن الذي حدث هو العكس.  ولاتتزوج المرأة رجلين في الوقت الذي يعدد الرجل ولو في الكلام والأماني بين المزح والجد وفي لحن القول.  وإذا جاءت الفرصة لم يقصر لأنه الفحل الذي لايسأل عما يفعل وهم يسألون. وعند الخطيئة الجنسية تقتل الفتاة ويكافيء الرجل في مجتمع يقوم على معايير الفحولة أكثر من العدالة. مع أن القرآن وضح حدود الزنا بالتساوي للجنسين ولكن الثقافة عندها قدرة أن تبني مفاهيم أثقل من نجم نتروني وتفرض على الواقع شريعة جديدة تلتوي لها الأعناق بدون وحي.

ومع كل عضلات الرجل فالمرأة بنعومتها تتحمل أضعاف مايتحمله الرجل من الألم بدون بطولة ويظهر هذا واضحاً في العمليات الجراحية. وأتذكر هذا جيدا من عمليات المرارة التي كنا نجريها على الرجال والنساء كيف تصمت المرأة وتتحمل، ويزعق الرجل فتهتز الغرفة من صرخاته.

ومع كل عضلات الرجل فالمرأة تعمر اكثر منه في المتوسط بـ 6 - 8 سنوات كما تظهر الاحصائيات.

والمرأة أكثر حكمة من الرجل بانفعالاته فإذا غشيه ضباب الشهوة وعلته الرغبة الجنسية فَقَد كل عقله ولم يعقب.  ولي صاحب من مدينة الجديدة كان بنصف عقل فلما سقط في أحضان امرأة ألمانية في عمر أمه فقد بقية عقله.

وتظهر الصور الساخرة هذه المأساة على صورة فيلسوف يحبو على أربع قد علت ظهره أمراة. ويعتبر ديكارت (أن أعظم النفوس عندها استعداد أن ترتكب أفظع الرذائل ) وهي في هذا الحقل معهودة ومعروفة.

وإذا كانت حاجة المرأة للمحرم أحياناً بداعي (الأمن) كم هي في الديانة السعودية فإن الذكر يحتاج دوماً الى محرم كي لاينزلق الى أحضان الأخريات.

واعتبرت مدرسة (علم النفس التحليلي) أن (الليبيدو  ( LIBIDO) أي الشهوة الجنسية هي محرك التاريخ الأعظم، وهي من ترهات وخرافات الفرويدية.

وإذا كانت (الطاقة النووية) هي أشدها في الطبيعة فهي (الجنس) في البيولوجيا، وكل شيء يفسر من خلالها، ومن يتورط فيها هو الرجل عادة وزين للناس حب الشهوات. ووقف المؤرخون طويلاً أمام أثر المرأة في التاريخ تحت إغراء (أنف كليوباترة). بحيث يعتبر (إدوارد كار) صاحب مؤلف (ماهو التاريخ؟) أن التاريخ ينقلب بهذه الطريقة أمام عدم فهم المرأة الى كيان هلامي يتملص من القوانين ويصبح كائناً رخواً عصياً على الفهم والضبط تتقاذفه الأهواء ويدمدم فيه عالم اللاوعي وهو ليس كذلك ولكنه ضريبة تحييد المرأة.

وتدخل المرأة مسرحية (علاقات القوة) حيث يظهر الجنس مختلطاً بالعنف كما تبرزها صناعة السينما بكثير من المساحيق، ومعظم الجرائم تدور حول الملكية في المال والمرأة. وتظهر تعابير (امتلاك) المرأة في ثقافتنا من حيث لاننتبه لأن الوعي يقوم على ظاهرة (الانتقاء) فهي (جوهرة) وبهذا التعبير تخسر المرأة بضربة واحدة آدميتها وتتحول الى عالم (الشيء) و (الممتلكات) لتدخل بأمان الى (خزانة) الرجل العامرة بالأشياء.

إنه حتى ممارسة الجنس بما يختلط من عنف هو بقايا غريزة الغابة وهو عملية تعبيرية عن خطف المرأة واغتصابها. لاغرابة أن استفحلت قوة ردة الفعل في المجتمع الغربي فبعد حركةالمساوا(EMANCIPATION)  تبرز الحركات النسوية ـ الفيمينستFEMINIST) ) الى الواجهة وتتحرك في مظاهرات ضخمة لرد الاعتبار.

وهذه الحركة (النواسية) بين الفعل ورد الفعل تبدت أيضاً في حركة (الستربتيز) أي الاستعراء. فبعد موجة الرهبنة وحبس الغرائز جاء الدور لانتقامها فحطمت كل البنى القديمة. واليوم تتدفق أمواج الاباحية من الملكوت العلوي على ظهر ثبج البحر الأخضر الالكتروني من المحطات الفضائية فلا يستطيع منعها انس  ولاجان.

لقد كسر العلم الجغرافيا وحطم الرقابة ولكن قانون الله هو الذي سيثبت في النهاية فيذهب الزبد جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال. وعندما بدأت أفلام الجنس SEX) ) في الغرب غصت الرفوف بها فلا ترى الا العري. وانطلقت موجة الستربتيز في الستينات من بريطانيا فزكمت الأنوف وشكلت أشرطة الفيديو 80?% من خزائن النوادي حسب احصائيات مجلة (در شبيجل) الألمانية، وبعد عدة سنوات انكسرت حدتها وتراجعت موجتها الى 20% ثم تحولت الى ظاهرة مخيفة بين (الجمود) و (الانحراف) فالجنس كالسبع الضاري من حرَّضه أكله. ومن رمى له بقطعة لحم عند جوعته أمنه.  كما ذكر ذلك (ابن مسكويه) في كتابه (تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق). ولكنها تفعل فعلها السمي اليوم في العالم العربي لأنها تدخل بيئة عذراء غير مهيئة لهذا النوع من الاجتياح  في ظل تابو المجتمع العربي.

 

حقوق النشر محفوظة ، خالص جلبي 2024  
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram