نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لمساعدتك على التنقل بكفاءة وأداء وظائف معينة. ستجد معلومات مفصلة حول جميع ملفات تعريف الارتباط ضمن كل فئة موافقة أدناه.
يتم تخزين ملفات تعريف الارتباط المصنفة على أنها "ضرورية" في متصفحك لأنها ضرورية لتمكين الوظائف الأساسية للموقع.
نستخدم أيضًا ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية التي تساعدنا في تحليل كيفية استخدامك لهذا الموقع ، وتخزين تفضيلاتك ، وتوفير المحتوى والإعلانات ذات الصلة بك. لن يتم تخزين ملفات تعريف الارتباط هذه في متصفحك إلا بموافقتك المسبقة....
Necessary cookies are required to enable the basic features of this site, such as providing secure log-in or adjusting your consent preferences. These cookies do not store any personally identifiable data.
Functional cookies help perform certain functionalities like sharing the content of the website on social media platforms, collecting feedback, and other third-party features.
Analytical cookies are used to understand how visitors interact with the website. These cookies help provide information on metrics such as the number of visitors, bounce rate, traffic source, etc.
Performance cookies are used to understand and analyze the key performance indexes of the website which helps in delivering a better user experience for the visitors.
Advertisement cookies are used to provide visitors with customized advertisements based on the pages you visited previously and to analyze the effectiveness of the ad campaigns.
لماذا يشعر الانسان بالملل ؟ ولماذا يكافحه باللهو والتسلية ؟ وهل اللهو واللغو يكسران حلقة الضجر والسآمة حقاً ؟ بل لماذا ارتبط الشعور بالملل مع الوحدة والانفراد ؟ لماذا شكلت قضية العدالة المشكلة الانسانية العظمى حتى اليوم واستعصت على الحل ؟! مامعنى الثنائية المشحونة بالتناقض المحيرة في الانسان ، بين قطبي الشيطان والملاك ، والموت والحياة ، والحزن والحب ، والشقاء والسرور ، واللانهائية والعدم ؟ لماذا لايتدفق برد اليقين الى صدر الانسان ويبقى على سطح المعلومات ؟ أين ينبوع السعادة الذي يغتسل فيه الانسان فيولد من جديد مكتشفاً ( المعنى ) في الحياة ؟؟
باختصار هل هناك حل للمشكلة الانسانية ؟ وهل استطعنا فهم الانسان ؟ أو على الأقل وضعنا قدمنا في طريق فهمه ؟
هذه المسائل الفلسفية الضخمة المليئة بالتحدي أغرت الفيلسوف الفرنسي ( بليز باسكال )(BLAISE - PASCAL ) فتصدى لمواجهتها في محاولة للامساك بمفاتيح الفهم الكبرى للانسان ، وهي تروي لنا قصة طريفةً من روائع مغامرات العقل الانساني في القرن السابع عشر للميلاد ، يقوم بها انسان مثقل بالأمراض ، يكاد دماغه يتفجر من الصداع ، فيحل أعقد المسائل الهندسية ، في فك لغز المنحنى الهندسي الدحروجي وهو يئن تحت وطأته ويتلوى كالأفعى من آلام الأمعاء التقرحية ، ويقترب من الشلل النصفي السفلي فيمشي على عكازتين ، ولايعمر في النهاية أكثر من ( 39 ) تسعٍ وثلاثين عاماً ( 1623 _ 1662 م ) في شهادة واضحة أن العمر في إنجازاته وليس في طوله ، وأن الزمن هو حال النفس وليس دورة الفلك كما يشير الى ذلك الفيلسوف المسلم محمد إقبال في كتاباته
ظاهرة محيرة عند المفكرين :
أجسام نحيلة يعضها المرض حيناً ، وتفترسها العلل طوراً آخر ، وتقضي عليها الأمراض في سن مبكرة ، أشبه بآلة استُهلكت بكثافة لامتناهية فطواها الموت بسرعة . نفوس عظيمة ، وأدمغة متوقدة . عيون تلتمع بالذكاء والنباهة ، ومسلك طاهر ونظافة أخلاقية ، ومواقف تشع بالحكمة والتصرف المحير الذي لايخطر على بال ، فعندما تقدم اليهود الى عيسى عليه السلام وهم يدفعون أمامهم الزانية كان حرصهم أشد على الإيقاع به عند السلطات الرومانية من إقامة الحد ، كما يروي القصة أبو الأعلى المودوديلأنه سيكون بين مطرقة السنهدرين وسنديان الحكم الروماني ، إن تأخر في النطق بالحكم اعتُبر هرطيقاً ، وإن نفذ الحكم أصبح قاتلاً أو محرضاً على القتل في نظر التشريع الروماني . كان جوابه عليه السلام عجيباً غير متوقع هادئاً عميقاً ( من كان منكم بلا خطيئة فليتقدم فليرمها بحجر ) وانقشع جمهور الفقهاء المزورين عن رأسه .
فلاسفة وعلماء عليلون ؟؟!!
ظاهرة ملفتة للنظر تصدمنا بين الحين والآخر ونحن نقرأ للمفكرين والفلاسفة ، فنرى التحدي المخيف في إعاقة مرض وسيطرة علة ، أطلقت كوامن طاقة غير معقولة في التاريخ ، بين ظلام الرؤية في عمى أبو العلاء المعري ، وموت سبينوزا المبكر عن 42 عاماً بسلٍ رئوي افترس رئتيه ، ولكنه ترك من خلفه أربع كتب مازالت تهز الفكر الانساني حتى هذه اللحظة ، وتعتبر محطات عقلية لكل من دخل الاوقيانوس العقلي لمعرفة مغامرات الفكر الانساني الضخمة . والتقرح المعوي الممض عند باسكال ، وجنون نيتشه بمرض الافرنجي الذي استلب دماغه ، وشلل هاينه الشاعر الألماني ، ويصل المرض الى ذروته عند ( ستيفن هوكينج )( STEVEN HOWKING ) الفيزيائي الكوني البريطاني الذي صعد عنده الشلل الى أطرافه الأربعة ورقبته ، فهو مشلول الأطراف الأربعة ، مربوط الى عربة معاق يستطيع تحريك أصبعين من يده اليسرى ، ويتنفس بثقب صناعي في الرغامى ، ويتكلم عبر كمبيوتر مربوط الى حلقه ، باختصار هو دماغ فقط ولكنه اعتبر نيوتن القرن العشرين بالاختراق العلمي الذي قام به عندما طرح كتابه ( قصة قصيرة للزمان )( A BRIEF HITORY OF TIME ) الذي أثار ضجة كبيرة في الأوساط العلمية
ظاهرة التحدي :
يبدو أن التحدي يشكل قانوناً وجودياً ، فهو يستوفز الطاقات لتشكل حلقة حركية ، فالفكر أطلق باسكال ، والهم الفكري قاده الى المرض العضوي ، فمظم قرحات الجهاز الهضمي تندلع من تربة نفسية ، وهذا بدوره ولَّد شرط التحدي ، الذي قاد الى مزيد من الانتاج في حلقة تصاعدية ، ولايعني هذا أن كل مبدع أو مفكر يجب أن يكون مريضاً ، ولكن البدانة والشراهة في الأكل لم تكن في يوم من الأيام صفة المبدعين ، الذين يحملون هماً فكرياً يتجاوز معدتهم ، ذلك أن الهم الفكري يحرم في الغالب أو يقلل شهية التمتع بالطعام والإقبال على مايتقاتل ويتزاحم عليه الناس من المقتنيات ، ويحدد الاندفاع باتجاه هذا المتاع الرخيص ، وتفيدنا العضوية بآلية هامة في هذا الصدد وهي أن الطعام يوجه الدم الى الجهاز الهضمي ، مما يخفف دورانه في الدماغ ، فهو يقود آلياً الى تباطيء عمليات التفكير وإعمال العقل والعكس بالعكس ، وهي ظاهرة فيزيولوجية يشعر بها كل واحد منا بعد وجبة ثقيلة ، من ميل للكسل والاسترخاء ، ويظهر عكسها في الصيام أو قلة الطعام من صفاء الذهن وحدة القريحة وتألق الفكر .
تحدي الظروف بما فيها المرض والعاهات تطلق طاقة الانسان بشكل تعويضي ، وتحدي الظروف التاريخية تستنهض المجتمع ، وتحدي البيئة يحرك الجموع البشرية باتجاه الحضارة ، كما اعتبر المؤرخ البريطاني توينبي عندما رأى في وجود اسرائيل في المنطقة العربية منخس حضاري وتحدي يدفع للمواجهة وتقرير المصير .