تخصيص تفضيلات الموافقة

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لمساعدتك على التنقل بكفاءة وأداء وظائف معينة. ستجد معلومات مفصلة حول جميع ملفات تعريف الارتباط ضمن كل فئة موافقة أدناه.

يتم تخزين ملفات تعريف الارتباط المصنفة على أنها "ضرورية" في متصفحك لأنها ضرورية لتمكين الوظائف الأساسية للموقع.

نستخدم أيضًا ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية التي تساعدنا في تحليل كيفية استخدامك لهذا الموقع ، وتخزين تفضيلاتك ، وتوفير المحتوى والإعلانات ذات الصلة بك. لن يتم تخزين ملفات تعريف الارتباط هذه في متصفحك إلا بموافقتك المسبقة.... 

دائما فعال

Necessary cookies are required to enable the basic features of this site, such as providing secure log-in or adjusting your consent preferences. These cookies do not store any personally identifiable data.

Functional cookies help perform certain functionalities like sharing the content of the website on social media platforms, collecting feedback, and other third-party features.

Analytical cookies are used to understand how visitors interact with the website. These cookies help provide information on metrics such as the number of visitors, bounce rate, traffic source, etc.

Performance cookies are used to understand and analyze the key performance indexes of the website which helps in delivering a better user experience for the visitors.

Advertisement cookies are used to provide visitors with customized advertisements based on the pages you visited previously and to analyze the effectiveness of the ad campaigns.

انطفاء العقل وأثره في تدهور الحضارة الإسلامية (2)

  ...........  بقلم خالص جلبي   ...........

جاء في كتاب دول الطوائف مايلي : (( وهكذا سقطت الحاضرة الأندلسية الكبرى وخرجت من قبضة الإسلام إلى الأبد .. بعد أن حكمها الإسلام ثلاثمائة وسبعين عاماً . ومنذ ذلك الحين تغدو طليطلة حاضرة لمملكة قشتالة ، ويغدو قصرها منزلاً للبلاط القشتالي بعد أن كان منزلاً للولاة المسلمين . وقد كانت بمنعتها المأثورة ، وموقعها الفذ في منحنى نهر التاجه حصن الأندلس الشمالي وسدها المنيع الذي يرد عنها عادية النصرانية ، فجاء سقوطها ضربة شديدة لمنعة الأندلس وسلامتها . وانقلب ميزان القوى القديم ، فبدأت قوى الإسلام تفقد تفوقها في شبه الجزيرة ، بعد أن استطاعت أن تحافظ عليه زهاء أربعة قرون ، وأضحى تفوق القوى النصرانية أمراً لاشك فيه ، ومنذ ذلك الحين تدخل سياسة الاسترداد الاسبانية ( لا .. ري كونكيستا  LA  RECONQUISTA   ) في طور جديد قوي ، وتتقاطر الجيوش القشتالية لأول مرة منذ الفتح الإسلامي عبر نهر التاجه إلى أراضي الأندلس تحمل إليها أعلام الدمار والموت ، وتقتطع أشلاءها تباعاً في سلسلة لاتنقطع من الغزوات والحروب ))( 1 )

كان سقوط طليطلة عام 1085 م الموافق عام 478 هـ ، ويوافق أيضاً مرور 80 سنة على تفشي مرض ( دول الطوائف ) في الأندلس ، فبعد أن غابت الدولة الأموية عن الوجود عام 399 هـ ، بدأت عملية التفسخ الحضاري تأخذ مداها في الجسم الإسلامي ولمدة جيلين بالكامل ، وعاصر الإمام ابن حزم هذه الفترة وذكرها بسخط شديد ، وخلد الشعر العربي تلك المرحلة بالتعبير :     ( أوصاف مملكة في غير موضعها ..... كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد )  ولكن سقوط ( طليطلة ) بوجه خاص أدخل الفزع بشكل جدي إلى مفاصل ملوك الطوائف ، فهرعوا إلى الدولة الفتية الناشئة في المغرب ( دولة المرابطين )  مع علمهم أن هذا هو نهايتهم على كافة الأحوال سواء على يد ( الفونسو السادس ) أو على يد ( يوسف بن تاشفين ) فقال المعتمد بن العبَّاد قولته الشهيرة ( إن كان ولابد من أحدهما : فرعي الجمال أحب إليِّ من رعي الخنازير !!  ) . وكانت معركة ( الزلاَّقة ) على حدود ( البرتغال الحالية ) بين نهري ( جريرو ) و ( جبورة ) من جانب ونهر ( الوادي ) من الأسفل في سهل الزلاَّقة الذي يأخذ اسم ( ساكراخاس ) اليوم ، وكان ذلك يوم الجمعة 12 رجب سنة 479 هـ الموافق 23 اكتوبر تشرين الأول سنة 1086 م أي بعد عام واحد من سقوط طليطلة المفجع . وفيها تم تمزيق الجيش الأسباني بمجموعة من تكتيكات حربية استخدمها العجوز المحنك والبالغ من العمر ثمانون عاماً ( بن تاشفين ) . إلا أن هذا النصر في الواقع لم يكن أكثر من كابح مؤقت لمعارك الاسترداد الاسبانية ، فالمرض في المجتمع الإسلامي كان أفظع من أن يعالج بمعركة هنا وهناك ، لإن العفن كان قد وصل إلى مخ العظام ، وهذا الذي أدركه ابن تاشفين الذي حام حول مدينة طليطلة التي كانت هدفاً استراتيجياً لحملته التي جاء بها إلى الجزيرة ، فأدرك استحالة استردادها ، واكتفى بمسح دول الطوائف الهزيلة ، وبناء دولة مركزية مرتبطة بدولة المرابطين .

كانت معركة الزلاقة ذات حدين ، فهي فلت حد الأسبان ، ولكنها أعلنت بنفس الوقت أن الأندلس انتهت منذ ذلك اليوم ككيان مستقل . وأصبحت الأندلس منذ ذلك الوقت عالة على المغرب في حمايتها والحفاظ على وجودها ، لذا لاغرابة أن كان الملوك الموحدين ( دولة الموحدين جاءت بعد دولة المرابطين ) يسمونها بـ ( اليتيمة ) كما هي اليتيمة الجديدة  اليوم ( البوسنة )؟! . هذه الضربة عام 1085 م كانت حلقة في سلسلة ، لابد من معرفة ماقبلها وما بعدها ، حتى يمكن فهم الواقع المريض الذي يعيش فيه العالم الإسلامي ، فبين معركة الزلاَّقة عام 479 هـ الموافق 1086 م ومعركة العقاب عام 1212 م الموافق 609 هـ ( 126 ) عاماً فقط ، فمعركة ( الزلاَّقة ) التي فرملت الزحف الأسباني ، انتهت بمعركة ( العقاب ) التي فتحت الباب لسقوط الأندلس النهائي ( 2 )  الذي سيختم مع نهاية القرن الخامس عشر للميلاد ( 1492 م ) ومن الجدير بالذكر أن معركة العقاب جاءت بعد 14 عاماً من موت الفيلسوف ( ابن رشد ) الذي نفي في السبعين من عمره ليعيش في قرية الليسانة اليهودية منبوذاً محطم القلب ، فعوقب المجتمع الأندلسي برمته فمسحت مدينة قرطبة مدينة ابن رشد من خارطة العالم الإسلامي بعد معركة العقاب بـــ ( 24 ) سنة فقط ( 1236 م ) !!  وكانت مدينة ( سرقسطة - ZARAGOZA ) قد سقطت قبل ذلك عام 1141 م ، ثم تتالى مسلسل السقوط ، فسقطت ( بالنثيا -  BALENCIA ) عام 1238 م وتوج الانهيار بسقوط مدينة المعتمد بن عباد عام 1248 م ( اشبيلية - SEVIA )  وهكذا سقط الجناح الغربي للعالم الإسلامي ، وانزوى المسلمون في الزاوية الجنوبية حول ( غرناطة - GRANADA  ) ينتظرون مصيرهم في كف القدر ، حسب الوضع الأسباني وكيف يتطور ، ذلك أن المجتمع الأندلسي كان قد فقد منذ سقوط طليطلة القدرة على تقرير المصير .

 

 

هوامش ومراجع :

( 1 ) دول الطوائف منذ قيامها حتى الفتح المرابطي _ تأيف محمد عبد الله عنان _ مكتبة الخانجي بالقاهرة _ ص 115 - 116 ( 2 ) هزم فيها الموحدون راجع نفس لمصدر السابق جزء عهد الموحدون

 

حقوق النشر محفوظة ، خالص جلبي 2025  
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram