(8) الحديث الثامن من سلسلة الأحاديث الحيوية
يصف القرآن المجتمع الفرعوني أنه طبقات . ثمة طبقة تستبيح أخرى. إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم. وحين لايبق مجتمع مواطنة فهو مؤشر إلى سير المجتمع في ليل التاريخ. وحين بدأ رسول الرحمة ص في بناء مجتمع جديد انضم إليه صهيب الرومي وسلمان الفارسي وبلال الحبشي بلون جلود تتراوح من أشد البياض إلى أشدها سوادا. كانت دعوة أممية ولم تكن جاهلية ولا قبلية ولا عائلية. وأول شيء فعله رسول الرحمة ص في المدينة ثلاثا. بناء قلب المجتمع المسجد. ونهاية القبلية فلم يبق أوس وخزرج وقرشي بل أخوة مهاجرون وأنصار. ثم بناء مجتمع المواطنة بالمواثيق مع اليهود بثلاث مجموعات بنو النضير وبنو قينقاع وبنو قريظة. وبذلك انتهينا من بني أمية ومن التشيع ومن الدم. إلا أن هذا لم يدم وسجل لنا التاريخ فشل التجربة بسرعة. فولدت بيزنطة بمعطف قبلي وفارس بعباء حسينية والدمويون داعش القديمة. وعند حافة معركة صفين نسمع قول عقيل أخو علي يقول إن صلاتي خلف علي أقوم لديني وإن معاشي مع معاوية أقوم لحياتي. وبذا ينشطر الضمير وما زال. ويبقى السؤال لماذا.
الحديث الذي بين يدينا يفتح عيوننا على بوابة الجحيم: إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. ثم يقسم رسول الرحمة أنهم سينفذ القانون ولو على ابنته.
حاليا نلاحظ هذا نحن من يعيش في كندا. أنا متيقن لو أن جاستن ترودو خالف إشارات المرور فسوف يلحقه (تيكت) غرامة المخالفة فالقانون يسود. أما في الشرق المنكوب فمن يحكم هي علاقات مريضة ولذا فهي تدفع ثمن المخالفة.
إنَّ قُرَيشًا أَهَمَّهُمْ شَأنُ المرأَةِ المَخزوميَّةِ التي سَرَقَتْ، فقالوا: مَنْ يُكلّمُ فيها رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالوا: ومَنْ يَجترئُ عليه إلا أُسامَةُ بن زَيدٍ، حِبُّ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فَكلَّمَهُ أُسَامَةُ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: أتَشفَعُ في حدٍّ مِنْ حُدودِ الله؟ ثم قال: إنَّما أَهلك الذين قبلكم: أنَّهمْ كانوا إذا سَرقَ فيهم الشَّريفُ تَرَكُوه، وإذا سَرَقَ فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ. وَأيْمُ الله لَوْ أنَّ فاطمةَ بنْتَ محمدٍ سَرَقَت لقطعتُ يَدَهَا