سيكولوجية العنف واستراتيجية العمل السلمي

  ...........  بقلم خالص جلبي   ...........

هل تقود الحروب إلى السلام فعلاً ؟ أم يفضي العنف إلى السعادة ؟ أم أن تدمير الخصم وتطويع إرادته ينهي الصراع ؟ أم أن الكراهيات المتقابلة والخوف من الاستئصال المتبادل يفضي إلى وضع مستقر ؟ هناك مذهبان في العالم لاثالث لهما : يقوم الأول على العنف وتدمير الآخر وإلغائه ، والثاني على احترام الإنسان والحفاظ عليه ، وكلا المذهبين خلفهما عواطف متباينة ، فالأول يُسقى بالحقد والثاني يُغَذَّى بالحب ، والحقد عملياً هو الانكفاء والارتداد على الذات ولذا فهو مدمر لإنه يحذف الآخر ، والحب مشاركة ولذا فهو حياة ونماء ، وسوف يقص علينا علم النفس خبراً من هذا الموضوع .
كيف يمكن مقابلة العنف بالسلام ، ولايُقابَل بما تفرضه الغريزة البحتة والقائلة : من يضربني كفاً ضربته اثنان ، وكِلْتُ له الصاع صاعين ، وتركته عبرة لمن يعتبر !! هذه هي الثقافة التي يتشربها الإنسان في العادة ، وتبثها العادات والتصرفات اليومية ، وتكرسها أفلام هوليوود ، ويتكرر ترسيخها في أذهان الأطفال من خلال لعب ( أدوات الموت ) من المسدسات والدبابات وماشابه من أفلام الكرتون من أمثال ( غراندلايزر ) وسواها .
كتب إلي أخ فاضل فقال : (( إلا أن النقطة التي استعصى علي فهمها هي مسألة العنف ، والسؤال الذي لم أجد له إجابة أبداً كيف تحاور الكلمة الرصاصة ؟ نعم قد أحاور من يرغب في حواري ولكن كيف أحاور من يرغب في استئصالي بغض النظر عن فكرتي التي أحملها ، وقد تابعت لك عدة مقالات تتحدث فيها عن نبذ العنف وعبثية الحرب فياحبذا لوسلطت مزيداً من الأضواء على هذا الجانب )) .
عندما وضعت سؤال الأخ الفاضل تحت المجهر للتحليل _ وأعتبر أن تساؤله هذا يمثل شريحة ليست بالقليلة من القراء _ فإنني أثير مجموعة النقاط التالية في أول بحثي :
1 - تقول الأولى : إن هذا الموضوع مختلط ونظراً لنوعية تعقيده فإنني _ على الرغم من قلة زادي فيه _ أخذ مني طاقة فكرية كبرى حتى وصل إلى مرحلة البللورة المتألقة _ على الأقل في ذهني _ وأفاض على قلبي من ضروب السعادة والتحرر من العقد وتوديع التقليد ، ماجعلني أشعر بما يشبه الولادة الجديدة والنور الجديد ( وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس ) . حيث أن هذه المشكلة أقضت مضجعي وشغلتني منذ مايزيد عن عشرين عاماً ، حتى انتهيت إلى وضوح في هذه الفكرة وتماسك في بنائها ويقين في محتواها ، ولاأزعم أن هذا هو اليقين المطلق بل هو حصيلة البحث الذي وفرت له طاقتي الفكرية منذ ربع قرن من الزمان ، ولذا فإنني أكتب في هذا المجال بشعور المتخمر والسعيد والشغوف في إعلان هذا التوجه.
2 - وتقول الفكرة الثانية : إن وضع العالم العربي هو _ ولنكن صريحين _ فيما يشبه الحرب الأهلية المهدِّدة في أي مكان في أي زمان ، فما اشتعل في لبنان ودمر في الصومال وتكرر في أفغانستان واليمن والجزائر والعراق وسوريا وليبيا ، إن هي إلا عينات أو لنقل بالتعبير الطبي ( خراجات ) قابلة للتفتح والانفجار في أي مكان ، وليس هناك من بلد عربي بمنجى من هذا الخطر المدمر الماحق ، والذي يظن نفسه أنه في جزيرة ( الأمل ) كما جاء في مسلسل الأطفال ( عدنان ولينا ) فهو في سراب خادع ووهم كاذب ، وسوف تلد الأيام الحبالى ماأقول به ، ويشاطرني فيه الكثير من أصحاب الفكر والقلم ، وهذا يوجب على أهل الفكر والمثقفين المساهمة في تحليل هذا المرض وتسليط الضوء على هذه الظاهرة المرعبة التي تأكلنا يومياً . ولانظن ونسرف في التفاؤل أن مصير ( راوندا ) بعيد عنا ، فالشروط لحدوث حريق مثل هذا قائم في أكثر من بلد عربي ، وإن في قصصهم عبرة لإولي الأباب .
وتقول الفكرة الثالثة : إن ظاهرة العنف مرض عام في أي بلد عربي ؛ فهي بلاسما ثقافية يسبح فيها الجميع ، وجو مسموم يتنفس فيه الكل ، ومرض عام لكل الفرقاء المتنازعين ، والاتجاهات المختلفة تقريباً ، وإن اختلفوا ففي التوقيت فقط ، فهم بهذا تبنوا الغدر وشرعوه . هذا الوباء بل الطاعون الفكري والإيدز الاجتماعي هو ثقافة مكررة تنتج نفسها ( وذرية بعضها من بعض ) ولذا فالانفجارات موجودة في كل بيت وزاوية ودولة . إن مرض الكوليرا عندما يجتاح بلداً ما ؛ فهو عندما يأتي لشخص ما لايسأله عن هويته العقائدية وانتماءه العرقي وانتسابه القبلي أو الطائفي ؛ بل يصيبه المرض كظاهرة بيولوجية بحتة ، والأمراض الاجتماعية شبيهة بهذا ، إلا أن ( وحدة ) المرض الاجتماعي أي الكينونة الإمراضية الناقلة والمسببة للمرض هي هنا ( الفكرة ) تماماً كما في ( وحدة ) الأمراض البايولوجية فهي ( البكتريا أي الجرثوم أو الفيروس ) . لذا ففي الواقع إننا في العالم العربي نسبح في بلاسما ثقافية موحدة مشربة بالعنف سواء اعترفنا بهذا أم لا ، يتجلى هذا من خلال ( علاقات القوى ) بين الزوج وزوجته ( 1 ) والأب وابنه ، والضابط بالجندي ، والموظف بالمراجع ، والطبيب بالمريض ، والشرطي بسائق السيارة ، والعسكري بالمدني ، والدولة بالفرد ، والأعلى بالأدنى ، فكلها في معظمها علاقات إنسانية مشؤومة ، ونظراً لأهميتها فقد عالجها القرآن في أكثر من ثماني مواضع ، واستخدم فيها مصطلح ( استكبار - استضعاف ) أو مايسمى في المصطلح الطبي العلاقة ( السادية - المازوخية ) ( 2 ) .
وتقول الفكرة الرابعة : إن هذه العلاقة الإنسانية المشؤومة ( المستكبر - المستضعف ) ( 3 ) أو ( السادية - المازوخية ) هي في حقيقتها وجهان لعملة واحدة ، وإذا أردنا تفهم هذه الظاهرة فيمكن ملاحظة كيفية أخذ ( اللقطات ) في الكاميرا ، فإن الفيلم ( الأسود - السلبي ) هو الذي يكون أساس اللقطة ، ثم وبعد التحميض يخرج الفيلم الملون ، ونحن إذا أردنا المزيد من الصور ( نسخ إيجابية جديدة ) فإننا نرجع دوماً إلى الأصل ( الأسود وغير المعبر والمشوه ؟! ) ، وهكذا يمكن فهم علاقة ( المستكبر - المستضعف ) أو العلاقة ( السادية - المازوخية ) فهما وجهان لحقيقة واحدة ، أصلها هو الأسود بمعنى أن ( المستكبر ) هو الوجه البارز والملون والمبهرج ، ولكنه في حقيقته هو ( الأسود المستضعف ) ، وكذلك فـ ( السادي ) هو في أعماقه ( مازوخي ) ، وكما في الفيلم قبل وبعد التحميض ، كذلك الحال في مرض الاستكبار والاستضعاف ، فالاستضعاف هو الذي يولد الاستكبار ، هو أسه وأساسه وجذره ومنبعه الذي يولده بدون توقف ، فإذا أردنا فهم المشاكل الاجتماعية ، وهذا المرض الاجتماعي الرهيب بالخاصة ، والذي سلط القرآن عليه الضوء لمعالجته فيمكن فهمه من خلال مثل الفيلم الأسود وتحميضه . وهكذا فانهيار الجهاز المناعي هو الذي يهيء الوسط للمرض ، وتفكك الأمة الداخلي هو الذي يمهد للغزو الخارجي ، والبيت القذر هو الذي يفرخ الصراصير والجرذان ، والمستنقع هو الذي يولد البعوض ، والأمم الهزيلة هي التي تصنع فرعونها ، والحضارات تنهار بعلة الانتحار الداخلي ( 4 ) . ويترتب على هذا نتيجة في منتهى الخطورة وهي أن التغيير يجب أن يبدأ من تحت : في البناء المخفي ، في طبقة الوعي الداخلية ، في الفيلم الأسود الذي لم يحمض بعد ، في الأمة أو حسب تعبير القرآن ( تغيير مابالنفوس ) ( 5 ) .
وتقول الفكرة الخامسة : وإذا استقامت هذه الفكرة عندنا أمكن لنا تحليل العديد من المواقف والمشاهد اليومية في ضوء هذه الفكرة ، وإذا أردنا الإنسان ( الحر ) مثل بلال فيجب أن نتخلص من هذا المرض ( السادي - المازوخي ) وبالتالي الوصول إلى حالة الامتلاء النفسي والتواضع ، فلاتبطر القوة صاحبها ، ولاتسكره خمرة الانتصار ، ولاتستبد به اللحظة ، ولايعلو مع امتلاك المال ، ولايفقد توازنه إن جلس خلف طاولة كبيرة أو تسلم منصبا ً حساساً ، وبالمقابل لايصبح ذليلاً حقيراً حينما يحرم من القوة ، أو يخسر المال ، أو تتدهور الصحة ، أو يواجه مشكلة ما ، بل حتى مواجهة الموت !! وهذه كانت رسالة الإسلام القديمة الحديثة إيجاد المجتمع العادل من خلال إيجاد الإنسان العادل من خلال إحكام التوازن الأخلاقي عنده .
وتقول الفكرة السادسة : إنني أقدر تساؤل الأخ واختلاط الموضوع ، وتشابك المفاهيم وضغط المعاصرة ، وثقل مفاهيم التراث ، كل هذا يفرض علينا وعيا ً حاداً ، وتأملاً تاريخياً ، ومطالعة علمية لاتنضب من أجل تحرير هذه المفاهيم ، والأخ في تساؤله إنما يعبر عن ضغط مجموعة من المفاهيم في الوسط الثقافي الذي نسبح فيه ، والطرح الذي تقدمتُ به يخلق إشكاليةً لابد من حلها ، ولذا أحببت في مقالتي هذه أن أضع يدي محاولاً تلمس هذه الفكرة في دينامية النفس وكيفية عملها ، وكيف يفعل العنف ويؤثر ، وكيف تعمل الأفكار السلامية ؛ تلك التي أشعر أن العالم العربي يحتاج إليها اليوم أكثر من المصاب بصدمة نزف الدم والمحتاج لنقل الدم لإنقاذ حياته ، فوضع العالم العربي لم يعد يحتمل الانتظار أمام كوارث العنف اليومية التي تتفجر مثل القنابل الموقوتة في كل مكان ، وعلينا أن نتقدم بهذا الطرح بدون خجل أو خوف من أجل إعلان ماأسميه ( ميثاق الأمن والأمان الاجتماعي ) لكل الأطراف من عرقية واثنية ودينية ، وجنسية للمرأة والرجل ، لكل من يعيش في هذا المجتمع أين كان موقعه ، للحكم والمعارضة ، للدولة والفرد ، ذلك أن آلية الإعدام والإفناء المتبادل تفعل فعلها المدمر بين كل الأطراف الاجتماعية اليوم . وربما مانحتاج إليه أكثر من الصلح مع إسرائيل هو صلح الإنسان العربي مع الإنسان العربي ، والدولة العربية مع جارتها العربية .
وتقول الفكرة السابعة : إن درس ( أفغانستان ) البليغ يعطينا توسعاً وتعميقاً لهذا المفهوم الذي نطرحه ، فالمشكلة كما نراها ليست فقط عربية ، وإن كان حظ العرب منها كبيراً ، بل هي إسلامية ، بل هي عالمية ، لإنها إنسانية في جوهرها ، ولذا فإن الطرح الذي أتقدم به يشكل خلاصاً إنسانياً محلياً وعالمياً في تقديري ، وهو طرح لن يتضرر منه أحد بل سيربح منه الجميع ، فلن يخسر أحد أرضاً أو زعامة أو مالاً ، بل يربح الجميع كما يفعل الأوربيون اليوم حيث يتحدون ولايخسر أحد شيئاً بل يربح الجميع . وفصائل المجاهدين الأفغان فعلوا ببعضهم اليوم وفي وقت قريب نسبياً ، مالم يفعله الشيوعيون والروس مجتمعون ، وهي بأيديهم ومن عند أنفسهم وظلموا أنفسهم و ( أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا ؟؟ قل هو من عند أنفسكم ) ( 6 ) كلها لإن النفوس تشربت العنف ، ومارست القتل ، وشربت الدم ، ولم يخالط قلوبها الحب ، أو سيطر على عقولها مفهوم السلام ، الذي أود شرح ديناميته بعد قليل . فعلينا مع درس أفغانستان ألا نبحث عن ( كبش فداء ) و ( علاَّقة مهازل ) نلقي عليه اللوم ونتهمه أنه الذي يتآمر علينا ، فالمسؤول عن الدمار اليوم ليس الشيوعيون والروس ، أو الاستخبارات الأمريكية ، أو الصهيونية والموساد ، أو الصليبية العالمية وقوى التنصير ، أو الماسونيين وقوى النورانيين الخفية ، هذه المرة انكشفت عورتنا ، وبانت عيوبنا الذاتية بغير غطاء ، وأن العجز هو مرض عميق متأصل في العالم الإسلامي ، ونحن المسؤولون عنه ، وأن تدمير كابول اليوم يتم بيد المسلمين أنفسهم و ( يخربون بيوتهم بأيديهم ) ، ولكن ( جعبة ) العاجز حاملة ماهو أدهى من جعبة ( حاوي السيرك ) الذي يخرج الأرانب والثعابين من المنديل ، فيمكن إلقاء اللوم على الشيطان ، أو لامانع من إدخال الأرادة الألهية أحياناً التي أرادت هذا الدمار لكابول ، سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً . وهذا التوجه هو في أعماقه نفس طريق اللاعودة ، طريق اللعنة الأبدية التي دخلها الشيطان لإنه ألقى اللوم على الله في ضلاله ( بما أغويتني !! ) في حين أن طريق ( الآدمية ) ودخول الجنة دشنها آدم باعترافه بالخطأ من خلال عملية نقد ذاتي قاسية ( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا ) .
وأريد أن أشير إلى أن الروس والحلفاء معاً ينسحبون من الأرض الألمانية بدون طلقة رصاصة واحدة من ( مجاهد ) كما لايزهق بعضهم أرواح بعض بعد الانسحاب ، كما حققوا وحدتهم بدون صواريخ على المدن أو حرائق في مصافي البترول . واليابان هو البلد الوحيد الذي ضُرب بالسلاح الذري في تاريخ الجنس البشري وربما لن يتكرر ذلك مرة أخرى ، واستسلم بدون قيد أو شرط في الحرب العالمية الثانية ، هو الذي ( تترجاه ) أمريكا اليوم أن يتسلح ، فيرد بكل اللطف الشرقي المعهود ، أنه ملتزم بالفقرة الثالثة من وثيقة الاستسلام التي تنص على عدم عودة اليابان إلى التسلح في المستقبل ، مع العلم أن اليابان لو أرادت الوصول إلى السلاح النووي لامتلكته في شهر واحد لايزيد بسبب القاعدة التكنولوجية التي تمتلكها ، ذلك السلاح الذي يتلمظ ويتبارى في شرائه وتكديسه كثير من دول الأطراف ، بل تستفيد منه كثير من دول ( الامتيازات ) كما نسمع اليوم عن تهريب البلوتونيوم ، فباب الخلاص للأمم كما نرى ليس مثل ( باب الحمصي ) ( 7 ) ولايحتاج دوماً لطلقات المجاهدين ، الذين أفرزوا مشاكل لاتنتهي من خلال تشرب العنف وتسريبه للعالم الإسلامي .
وتقول الفكرة الثامنة : إن حركة الخوارج قديماً وبإجماع الأمة ، لم يعتبر المسلمون حربهم أو خروجهم جهاداً في سبيل الله ، في الحين الذي كانوا يلقبون أنفسهم بالمجاهدين والشراة ( أي الذين شروا أي باعوا أنفسهم في سبيل الله ) بل واعتبروا كل من عداهم كافراً مارقا ً يستباح دمه ( 8 ) وعرضه ولاتؤكل ذبيحته ؛ كونه مشركاً ، كل هذا تولد من صراع سياسي ضاري ، وكانوا يعتبرون أنفسهم أنهم يمثلون الإسلام النقي ، ودشنوا حركتهم بقتل الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وكان إخلاصهم لإفكارهم بدون حدود ، وتضحيتهم لما يعتقدون به شيء مرعب ، مع هذا لم ينفعهم إخلاصهم لإن وعيهم وفقههم لم يكن في مستوى هذا الحماس والاندفاع الذي اشتهروا به ، وخير من وصفهم هو نفس الإمام علي حينما اعتبرهم طلاب حق أخطأوا الوصول إليه فقال فيهم : (( ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه ؟؟!! )) . ومانراه اليوم من بروز هذا التوجه في مصارعة الأنظمة ومناطحة الحكومات من خلال الصراع الدموي العنيف والمسلح ، هو في الواقع ( إحياء ) لمذهب ( الخوارج ) من حيث أرادوا أصحابها أو لم يريدوا ، وبكلامي هذا لااريد إدانة طرف أو تزكية آخر ، لإننا كلنا نسبح في مستنقع العنف وندفع فواتيره اليومية ، وكله ينبع من ثقافة إلغاء الآخر وتهميشه وعدم الاعتراف به فضلاً عن إيجاده إن لم يكن موجوداً أخي السائل : إنك عندما تدخل إلى روع الاخر أنك لن تسمح له بالوجود ، مع أن الله منحه الوجود بالأصل ومنحه كرامة أن خلقه بشراً سوياً وليس عشباً أو قطاً ؛ فإنه لن يسمح لك بالوجود أيضاً ، والوصول إلى كسر حلقة العنف والعنف المضاد هو برمي السلاح كلية ومرة واحدة إلى الأبد كما فعل ابن آدم الأول ، وإلا كيف تنشأ الحروب بين الدول أو الحرب الأهلية ضمن الدولة الواحدة ؟ إنها تنشأ من عقدة أو حلقة فظيعة من هذه السلسلة ، لنتأمل ذلك .
*************************************
كيف تنشأ الحرب الأهلية مثلاً ؟ إنها تبدأ من تخمر وتفشي فكرة ( الدفاع عن النفس ) في وسط مشحون بالتوتر والهلوسات العقلية عن الآخر !! كما هو الحال في معظم مناطق تفجر النزاعات العرقية . إن استيلاء فكرة واحدة على الطرفين هي التي تدفع الطرفين لافناء بعضهما بعضاً ، الأول تستولي عليه فكرة ( قبل أن يقتلني علي أن أقتله !! ) والثاني يقول ( سوف يقتلني وأولادي لذا يجب أن ادافع عن نفسي واهلي !! ) فالمرض ناشيء من هذا الشعور الطاغي والمشترك والمتسلط على الفرقاء المتنازعين ، و( تشابهت قلوبهم ) والبداية المروعة بدأت وكانها بريئة ومبررة ومعقلنة تماماً أي مبدأ ( الدفاع عن النفس ) وهو مقبول ومهضوم من كل شخص أو فريق إذا اقتنع به ، ولكننا ننسى أن كلاً من الطرفين ينطلق من فكرة ( الدفاع ) ليصل إلى ( الهجوم ) ولاتوجد اليوم في العالم كله ( وزارات هجوم ) بل كلها ( وزارات دفاع ) ؟!! وحين يحصل الهجوم من أي طرف فإنه ينطلق تحت ضغط الدفاع تماماً ، أو الضربة الاستباقية للدفاع ، فهي ليست هجوماً بل دفاعاً ، أو كما يقول المثل الشعبي ( اتغدى به قبل أن يتعشى بي ) أو حسب مبدأ هتلر الشهير ( الهجوم خير وسيلة للدفاع )
********************************
إننا لو استطعنا كسر هذه الحلقة المعيبة ومن ( طرف واحد ) وأدخلنا إلى قناعة الآخر ( من خلال تاكيد المفهوم وتكراره واتخاذ المواقف المناسبة ) ؛ بأن الطرف الأول لن يدافع عن نفسه حتى لو هوجم ، فإن النتيجة سوف تكون أن الآخر سوف يتوقف عن الهجوم وتخمد حدة اندفاعه فهذا هو جذر سيكولوجية العنف والسلام ، فطالما لايوجد خطر ( حس الدفاع المشترك المتبادل ) فسوف يتوقف هذا المرض عن التفشي وإحداث الكوارث ، ولماذا يهاجم مسالماً أعزل ؟
قد يركب رأسه ويقوم بالهجوم !! هنا تبرز الآلية الثانية في عملية تحرير النفس من مركب ( الاستضعاف _ الاستكبار ) التي أشرحها على الشكل التالي :
إن عدم الرد على الأذى والعدوان باتخاذ موقف عدم الدفاع عن النفس ، سوف يدخل إلى الماكينة الهجومية للطرف الآخر الفرملة الأولى ، ومن خلال الدفع بالتي هي أحسن سوف تحرض عند الطرف الآخر آلية تنبيه الضمير والخير التي هي في كل إنسان فينا ، فكل فرد هو ملك وشيطان بنفس الوقت ، فإذا لم تنفع الآليتان في وضع كمية الفرملة المناسبة ، تدخل عند ذلك آلية جديدة متقدمة لوضع الفرملة النهائية المتدرجة لكل حركة العنف المتقدمة .
إن الذي يستقبل ضربات الطرف الاخر يتصرف على نحو مضاعف ؛ الأول بعدم رد الأذى بمثله ، وعدم شحن النفس بالحقد والكراهية تجاه الطرف المعتدي ، كل الهدف هو فرملة التصرف فقط ، ولذا لايتراجع السلامي عن موقفه بل يدعوه إلى الحوار ، فهو بهذه الالية النفسية المزدوجة يقوم بعكس مايريد العنيف ، العنيف يريد إلغاء الطرف الاخر ، يريد كسر إرادته وتطويعها تمهيداً في النهاية لإلغائها ، تمهيداً لتوليد الوسط المشؤوم ( السادي - المازوخي أو التابع والمتبوع ) ( 9 ) أما الطرف السلامي فهو ومن خلال عدم الرد وعدم الحقد والدعوة للوصول إلى الحقيقة وعدم التراجع ، يفسح المجال أمام وجود الآخر والاحتفاظ بأرادته وعدم إعدامها ، وبالتالي المحافظة على الطرفين ، وهكذا فالأول يريد الربوبية المحرمة ، والثاني يريد العبودية لله رب العالمين وتآخي البشر ووحدتهم وتساويهم .
إن الطرف المعتدي إذا استمر في اندفاعه واستمر الاخر في عدم بسط يده حتى لو أراد الأول قتله كما جاء في قصة ولدي آدم في القرآن ، فإن جوا ًنفسياً عجيباً سوف يحدث ، وهذا الذي كشف عنه علم النفس الحديث ( 10 ) فالمهاجم سوف يدخل في مرحلة نفسية أولى تتسم بالدهشة والسبب هو عنصر المفاجاة ، فالجندي اعتاد أن يهاجِم ويُهاجَم ، ولكنه غير معتاد على الهجوم فلايصادف دفاعاً !! ولذا فالنشاط السلامي يستخدم تكتيكاً ذكياً بإدخال عنصر المفاجأة في اللعبة !! ثم يبدأ الفصل الثاني في اللعبة وهو أخطرها إن لم يكن السلامي قد تدرب تماماً واقتنع بالفكرة حتى مخ العظام ، فكما يتدرب الجندي في الثكنة العسكرية ، فإن أمام السلامي تدريباً من نوع مختلف ، باستثناء أنه غير مؤذي وأكثر بركة في نتائجه ، ويمكن لكل شرائح الأمة المشاركة فيه بما فيه النساء والأطفال ، ودخول المرأة هذا النشاط الاجتماعي سيجعل الحياة تدب فيه ، باعتبار أن المرأة هي نبع الحياة والمحافظة على الحياة وهي مصدر طاقة الأمومة والحب ، وسبب قوة سلاح هذه المقاومة هو توجهها إلى ضمير الخصم من أجل إدخال النشاط إليه ؟! .
إن العنيف مع استمرار هجومه قد يقنع نفسه أن خصمه حقير وتافه ( من نفس شجرة إلغاء الآخر ) ولكن صمود وعدم تراجع السلمي وعدم حقده والاستمرار على دعوة الحوار سوف يحول موقف العنيف تدريجيا ًبحيث يتشرب الموقف تدريجياً بآلية المحاكاة ، حيث تحصل ( عدوى ) في الموقف ، سوف يشعر العنيف أنه قد يخسر المعركة ولكن بعد قليل سوف يتبين له أن طبيعة المعركة الآن مختلفة فليس هناك إلغاء للأرادات بل حالة ( التئام وتكامل ) في الأرادات . وبذا ينتهي الصراع ليدخل الاثنان في عملية بناء سلمية وفي جو ديموقراطي ، لإنه لاديموقراطية مع العنف ، فإذا أردنا حصد الديموقراطية في العالم العربي علينا بزرع روح السلام ونبذ فكرة العنف .
***************************************
وفي النهاية أريد أن أقول للأخ السائل لقد كشف علم النفس الحديث أيضاً عن آليات عمل النفس في جو الصراع التقليدي ونوع الصراع الجديد الذي أطرحه ، إن صح تسميته بالصراع لإن نصفه من العالم القديم ونصفه الاخر من عالم السلم العالم الجديد ، الذي أخبر الله عنه الملائكة حينما رأت جانب العنف في الإنسان فقال لها مبشرا ًبالإنسان الجديد ( إني أعلم مالاتعلمون ) .
عندما ينشب الصراع على طريقة ( كلاوسفيتز ) الضابط الألماني صاحب كتاب ( فن الحرب ) من أن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل جديدة ، أي إخضاع إرادة الخصم لإرادتنا . ياترى ماذا يتشكل عند هزيمة الطرف الاخر في الصراع والحرب ؟؟ هل نظن أن السلام يولد من جوف الحرب ؟؟ هل يمكن لشجرة الحنظل أن تنبت تمراً ؟؟ ولشجرة الحسك أن تنتج تيناً ؟؟ هيهات هيهات لما توعدون !!! .
إن الحرب لم تقد إلى السلم مطلقاً ، وهي مظاهرة جوفاء فارغة وسطحية ومؤقتة في انتظار جولة الحرب الجديدة ، وهذا الكلام ينطبق أيضا ً على الشرائح السياسية المتصارعة داخل البلد الواحد ، وأصبع الإدانة توجه أيضاً إلى عالم الكبار الذين أوقفوا الحروب بين بعضهم ليس قناعة بالسلام ، بل خوف الدمار الذري !!
إن المهزوم سوف يحمل الحقد في انتظار الثأر المخبأ في ضمير الغيب ! وسوف يكون الثأر مروعاً ومنتجاً بدوره لثأر مضاد ، وهكذا تتواصل حلقات العنف والعنف المضاد عبر أجيال وأجيال ، في حين أن عدم هزيمة إرادة أحد الطرفين والدخول في تكامل من أجل توليد عالم جديد ليس فيه مكان للحقد هو السبيل الأكيد للسلام العالمي الشامل والدائم ، الذي كان يحلم به الفيلسوف الألماني كانت . إن القرآن لم يقص علينا هذا الأسلوب عبثاً في صراع ولدي آدم في فجر التاريخ الإنساني ، فهو طرح أسلوبين لاثالث لهما كأسلوب لحل المشاكل ، الأسلوب الأول هو إلغاء الآخر إلى درجة قتله ، والثاني الذي زكَّاه القرآن وأثنى عليه هو رفض الدفاع عن النفس من أجل كسر حلقة العنف الشيطانية ( ماأنا بباسط يدي إليك لأقتلك ) .
**********************************
إن الثبات على هذا الموقف وحتى الموت سيجعل النهاية أن نفس القاتل يندم على فعلته ، لإنه سوف يكف أن يكون ( بطلاً ) بل سوف يتحول إلى ( مجرم ) . إننا بآلية ( الدفاع ) سنحرض عنده آلية الدفاع الغريزية فسيقتلنا وهو يقوم بعمل ( بطولي ) مبرر ؟! أما بعدم دفاعنا فسنحول عمله إلى ( جريمة ) !! والفرق كبير بين الشعور بـ ( البطولة ) والشعور بـ ( الجريمة ) ومذبحة الحرم الإبراهيمي مثلاً جعلت اليهود ليس في إسرائيل لوحدها بل حتى في مونتريال في كندا يمشون مطأطيء الؤوس خجلاً ، وهم يحملون الشموع والقناديل والدموع ، عن أولئك الذين قتلوا صبراً ظلماً عزَّلاً مصلين ، بل إن تكتيك داوود القديم حيث يعيد التاريخ دورته بعد ثلاثة آلاف سنة ، حيث ينقلب داوود إلى المدرع ( جالوت ) = إسرائيل النووية الجديدة ، وينقلب جالوت القديم إلى داوود الجديد ، ليستخدم نفس المرقاع و ( الحجر ) لدحر جالوت الجبار ، أقول هذا التكتيك ( الداوودي ) وروح الشهادة ، أسهم في دفع القضية الفلسطينية أكثر من كل عمليات التفجير والاغتيالات والحروب العربية مجتمعة .
يجب أن ندرب انفسنا على عدم قتل الاخرين ، بل الاستعداد للموت من اجل افكارنا إذا تطلب الأمر ، وبذلك نحول أنفسنا إلى ( شهداء ) والآخرين القاتلين إلى ( مجرمين ) ، وميكانيزم الشهادة عجيب ، لإن المقتول ظلماً هو الذي يتحول إلى قديس يعصر القلب ويدمع العين ويحرض إرادة الآخرين لسلوك نفس الطريق الذي سلكه صاحبه ، وراجع قصة أصحاب الأخدود تعطيك الخبر اليقين ، ومذبحة ( صبرا وشاتيلا ) حركت الضمير العالمي كله بل وحركت المظاهرات داخل إسرائيل نفسها حزناً عليهم ، بسبب موتهم بغير دفاع ، خلافاً للقتل المتبادل في كل الحرب الأهلية اللبنانية . مع أن الذين قتلوا في الحرب الأهلية هم أضعاف أضعاف المذبحة ، كل هذا بسبب تحريك الميكانيزم الإنساني ، الذي يجب أن نثق به ، ونعلم أنهم مغروس في أعمق أعماقنا فطرتنا ويستيقظ في الحادثة الإنسانية .
وجرت سنة الطبيعة أن البذرة حتى تنبت لابد من دفنها بالتراب أولا ً . إن القاتل سوف يندم في النهاية ( فكان من النادمين ) والندم هو التوبة ، لإنه لن يقدر أن يبقى تحت الضغط الساحق الماحق لفكرة كونه ( مجرماً ) ، إنه في النهاية سوف يحمل أفكارنا التي قَتَلنا هو من اجلها ، وبذا تدخل أفكارنا الخلود ؛ لإنها لم تمت مع موت صاحبها وهذا هو خلود الشهداء بخلود أفكارهم ومواقفهم ( ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون ) ؟!!
أنا صوت صارخ في البرية .. من كان له أذنان للسمع فليسمع .. هذه المفاهيم سوف تعم العالم في النهاية لإنها صوت الحفاظ على الجنس البشري (( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال )
هوامش ومراجع :
( 1 ) تقول الأمثال العامية وهي معين لاينضب للثقافة اليومية ، أن ليلة الدخول في العرس ( ليلة الدخلة ) يجب أن يسيطر فيها وعلى مسرح العائلة ومنذ اللحظة الأولى الرجل ( الذكر الفحل ) ؛ فيقطع رأس القط من الليلة الأولى !!! تعبيراً عن الرجولة وسيطرة الذكر وانعدام المشاركة في البناء الجديد ، فهي صورة وأد خفي في الواقع لإنها إلغاء إرادة الأنثى التي تنتقم فيما بعد عندما يشيخ الذكر من خلال أولادها ، وهناك ثقافة عجيبة غير مكتوبة وهي قتل الفتاة غير المتزوجة في الانحراف الجنسي وترك الشاب بدون عقوبة ، مع أن الشريعة الإسلامية واضحة لأبعد الحدود في هذا الموضوع فهي لم تشرع القتل للفتاة ولاالسكوت للشاب بل الجلد للاثنين ، ومن هنا نرى أن الثقافة غير الناطقة والتي تدمغ سلوكنا اليومي شيء عجيب من حيث لاندري ، وإذا كان هذا المثل واضحاً جداً فهناك من الأمثلة ماهو أخفى من دبيب النمل في الليلة الظلماء ، مما يتطلب مراجعة قاسية وكبيرة لثقافتنا التي تراكمت عبر العصور . ( 2 ) السادية تنسب إلى المركيز دي ساد وهي حالة التمتع بالأذى عند إنزاله بالآخرين ، والمازوخية عكس ذلك وهي التمتع بالألم عند استقباله من الآخر ، وهناك حالات عجيبة من الشذوذ الجنسي لها علاقة بهذا المركب ، بحيث أن صاحبها لايصل لقمة اللذة الجنسية إلا بالوضع المازوخي مثلاً بالضرب بالكرباج أو التقييد بالسلاسل وما شابه ، وفي العادة فإن المازوخي سادي وبالعكس ، وهذا معنى عجيب في اختلال النفسية الإنسانية وإصابتها بهذا الضرب من الأمراض . ( 2 ) تأمل الآية من سورة سبأ رقم 31 : (( ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استُضعفوا للذين استكبَروا لولا أنتم لكنا مؤمنين )) ( 4 ) يراجع في هذا البحث القيم الذي كتبه المؤرخ البريطاني ( ج . أ . توينبي ) في كتابه الموسوم ( مختصر دراسة التاريخ ) تحت بحث انهيار الحضارات . ( 5 ) الآية من سورة الرعد ( إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم ) رقم 11 . ( 6 ) الآية من سورة آل عمران رقم 165 . ( 7 ) تروي النكتة السورية وهم يتندرون كثيراً على الحمصيين مع أنهم من أذكى وأطيب أهل سوريا ، وهناك تنافس بينهم وبين الحمويين بسبب قرب المدينتين من بعض ، أن حموياً طلب من نجار حمصي أن يصنع له باباً ، فلما جاء لأخذه كان الحمصي في الصلاة ، فما كان من الحموي إلا أن أخذ الباب فاشتد الحمصي في أثره لأخذ أجرته وثمن الباب فالتقيا في فلاة واسعة ، فما كان من الحموي إلا أن أغلق الباب ، فبدأ الحمصي في قرع ااباب : افتح الباب افتح ، والنكتة معبرة ولكننا في كثير من مشاكلنا ننسى كل الفلاة ونريد فقط الدخول من باب الحمصي !! . ( 8 ) الصحابي أو التابعي الذي حدثت معه هذه الواقعة المشهورة هو واصل بن عطاء وجاءت بشكل مفصل في كتاب الكامل في اللغة والأدب للمبرد 2 \ 122 ( نقلا ً عن كتاب أدب الاختلاف في الإسلام _ تأليف طه جابر العلواني _ إصدار المعهد العالمي للفكر الإسلامي _ الطبعة الخامسة عام 1992 الموافق 1413 هـ _ ص 12 ) : (( يروى أن واصل بن عطاء أقبل في رفقة فأحسوا الخوارج فقال واصل لإهل الرفقة : إن هذا ليس من شأنكم فاعتزلوا ودعوني وإياهم ، وكانوا قد أشرفوا على العطب فقالوا : شأنك فخرج إليهم فقالوا : ماأنت وأصحابك قال : مشركون مستجيرون ليسمعوا كلام الله ويعرفوا حدوده ، فقالوا قد أجرناك قال : فعلمونا فجعلوا يعلمونه أحكامهم وجعل يقول : قد قبلت أنا ومن معي قالوا : فامضوا مصاحبين فإنكم إخواننا قال : ليس ذلك لكم قال الله تبارك وتعالى : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه فأبلغونا مأمننا فنظر بعضهم إلى بعض ثم قالوا ذاك لكم فساروا بأجمعهم حتى بلغوا المأمن )) ( 9 ) تأمل الآية من سورة البقرة رقم 166 : ( إذ تبرأ الذين اُتبعوا من الذين اتبَعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب ) . ( 10 ) راجع البحث الممتع ( سيكولوجية واستراتيجية المقاومة اللاعنفية ) للكاتب ريتشارد غريغ ، وكتاب نحو اللاعنف لخالد القشطيني ، وكتاب تجاربي مع الحقيقة لغاندي ، وكتاب قانون الحب والعنف لتولستوي ، وكتاب العصيان المدني لهنري ثورو ، وكتاب نحو السلام الدائم لعمانويل كانت .

حقوق النشر محفوظة ، خالص جلبي 2024  
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram