إذا استطعنا تقرير أن أي واقع بشري هو نتيجة طبيعية للأفكار التي يحملها الناس في مجتمع ما ، فإن العكس صحيح أيضاً ، بمعنى أن تغيير رصيد مابالنفوس سوف يغير الواقع الاجتماعي ، ويتولد عن هذا ثلاث نتائج متلاحقة يأخذ بعضها برقاب بعض : فطالما كان تغيير مابالنفوس يرجع إلى الأفكار التي نزرعها ؛ فإن مفاتيح التغيير الاجتماعي هي ملك يميننا ، وبها تدشن الكرامة والحرية الإنسانيتين ، وطالما كانت أسرار التغيير تحت أيدينا فإن أي شيء يحدث لنا هو من صنع أيدينا ، وهي فلسفة القرآن التي تنص على أن الظلم الذي يقع على الإنسان هو من صنع يده قبل أن يكون من مصدر آخر !! وأعظم فضيلة يتدرب عليها الإنسان هي : أن لايلوم أحداً ، بل يلوم نفسه عند مواجهة أي خطأ ، وأن لايلعن الظروف ، بل يفهم قوانين حدوث تلك الظروف ، تمهيداً للسيطرة عليها ، وأخيراً فإن علينا أن نتوجه إلى الحقل المفيد في التغيير الاجتماعي من خلال فهم سنن التغيير ، لإن وعي أي قانون يفتح الطريق أمام تسخيره ، والتسخير هي الخدمة المجانية ، وهي متاحة لجميع البشر .
مازالت أحداث البوسنة ماثلة في ذهني وبجنبي الأخ معاذ وفي وجهه مظاهر الألم وهي مشاهد مكررة مع اختلاف المواقع. أتذكره حين قال : عندما أسمع أخبار ( بيهاج ) أشعر وكأن أحشائي تتمزق من الداخل ؟! ورد الأخ عماد : إن مايحدث شيء غير معقول ، وتتابعت التعليقات في توزيع ( اللوم ) على الأمم المتحدة أو رؤوساء الدول الأوربية أو موقف أمريكا المتردد ؟؟!! هذه عينة جيدة من آلام المسلمين اليومية ، ولكن هل يمكن فهم كارثة بيهاج بدون كارثة البوسنة ، بل هل يمكن فهم مايحدث في البوسنة بدون الاجتياح العثماني للبلقان في القرن الرابع عشر الميلادي ، وهل يمكن فهم عقدة الصرب بدون معركة ( أمسل فيلد - AMSELFELD ) التي حدثت في عام 1389 م ، أو حتى قبل ذلك منذ الشرخ التاريخي بين الكنيسة الشرقية والغربية عام 879 م على أرض البلقان ( 1 ) أم هل يمكن فهم الأحداث الحالية بدون ( صيرورتها التاريخية ) وترابطها الزمني ، ضمن صيرورة الحضارة الإسلامية ؟ وأن مايحدث اليوم لايشذ عن القانون التاريخي الذي يفيد بالعلاقة الجدلية بين الأحداث ، فكل حدث هو نتيجة لما قبله ، وهو وبنفس الوقت سبب لما سيأتي بعده من الأحداث . وبذلك يصبح الشريط التاريخي مثل الفيلم فلايمكن فهمه من خلال إيقافه عند لقطة بعينها ، بل لابد من استعراض الفيلم التاريخي حتى يمكن إدراك المغزى التاريخي لجملة الأحداث كلها .
في نهاية القرن الثامن الهجري ( الموافق لنهاية القرن الرابع عشر الميلادي ) وفي قلعة منعزلة في أقصى المغرب العربي ، جلس رجل غريب التفكير جم النشاط ، يسطر بحثاً في التاريخ ، غريب العنوان طويله ( 2 ) يخلص فيه إلى نتيجة لم تخطر على بال أحد من قبل ، فقد استطاع أن يحلق بعقله عبر القرون ، فيصل إلى فهم حركة التاريخ ، ويعلن عن انطفاء شعلة الحضارة الإسلامية ، بهذه الكلمات القليلة (( وكأني بالمشرق قد نزل به مثل مانزل بالمغرب ، لكن على نسبته ومقدار عمرانه وكأنما نادى لسان الكون في العالم بالخمول والانقباض ، فبادر بالإجابة والله وارث الأرض ومن عليها وإذا تبدلت الأحوال جملةً ، فكأنما تبدل الخلق من أصله ، وتحول العالم بأسره ، وكأنه خلق جديد ونشأة مستأنفة وعالم محدث )) ( 3 ) هذا الرجل هو ابن خلدون التونسي . وأهمية ابن خلدون أنه كان يتمتع بحس ( قانوني - سنني ) مرهف ، فهو يحاول فهم علل الأشياء ، ويدخل إلى بطن الأحداث ، ليكتشف القانون الذي يسيطر على توجيه الأحداث (( فإن التاريخ في ظاهره لايزيد على أخبار عن الأيام وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومباديها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق ))
هذا الاكتشاف المدهش الذي توصل إليه ابن خلدون يعتبر انقلابياً ونوعياً في تاريخ الفكر كله ، فهو نزل إلى الحوض التاريخي ، يقرأ الأحداث ويحاول فهمها ، ليس كقطع ممزقة ، ونثارات مرمية ، وحوادث لايجمعها خيط ، أو ينتظمها قانون ، بل كواقع بشري يخضع لـ ( سنة الله ) في خلقه ، فاكتشف قانون قيام الدول وموتها ، كما حلَّق إلى مرتفع شاهق ، فلمح بومضة عين انتهاء مسيرة الحضارة الإسلامية ، وأهمية هذه الفكرة أنه بذلك أدخل الفهم السنني إلى مجال التاريخ ، فلاغرابة أن اعتبره المؤرخ البريطاني جون أرنولد توينبي عمل ابن خلدون التاريخي _ والعلماء يقدرون بعضهم _ بأنه (( أعظم عمل من نوعه أنتجه أي عقل في أي مكان أو زمان - IT IS THE BEST WORK OF ITS KIND THAT ES CREATED BY ANY MIND IN ANY TIME OR PLACE )) ( 4 ) أو أن يعتبره ( فلنت ) : (( إن أفلاطون وأرسطو وأوجستين ليسوا نظراء لابن خلدون ، وكل من عداهم غير جديرين حتى بأن يذكروا إلى جانبه )) ( 5 )
إن فكر ( ابن رشد ) و ( ابن خلدون ) السنني لم يترك أثره بكل أسف في العقل الإسلامي حتى اليوم ، فالطريق الذي شقه ابن خلدون لم يتفطن أحد إلى خطورة اكتشافه ، ولهذا لم يتابع أحداً هذه الومضات الخالدة وهذا التحليق المدهش ، أما ابن رشد فهو متهم حتى الآن ؟! والذي استفاد من هذا الفكر ( السنني ) هم رواد النهضة الغربية ( 6 ) خاصة في إيطاليا ، حيث أطلق تياراً عقلياً تحررياً ، بدأ ينتبه إلى فكرة ( السنن ) في إدراك الوجود ، و( البحث التجريبي ) الذي يقوم على طريقة جديدة في فهم الوجود هي الطريقة ( الاستقرائية - INDUCTION ) بدلاً من الطريقة الأرسطية القديمة التي تقوم على الطريقة ( الاستنباطية - DEDUCTION ) ( 7 ) التي تعتمد البحث النظري فقط للوصول إلى حقائق الوجود ، فكانت طريقة ابن خلدون الاستقرائية ثورة على الفكر القديم بتدشين ( العودة إلى الواقع ) لإن أي ( صخرة ) هي أدل على نفسها من أي نص كتب عنها أياً كان مصدره ، أي بربط الفكر النظري بالواقع ، بتأمل قوانين المجتمع كما هي وكيف تعمل ؟ لاكيف يجب أن تكون كما فكر من قبل أرسطو وإفلاطون ( 8 ) وهي نقلة نوعية في الفكر .
هذا النوع من التفكير عند ابن خلدون في اعتبار ( الطبيعة والتاريخ ) من مصادر المعرفة ( 9 ) هي روح إسلامية وهي بنفس الوقت ثورة على التفكير اليوناني القديم ، ففكرة ( السنة ) تكررت بشكل ملفت للنظر في القرآن ، والسنة ليست في التفاعل الكيمياوي ، أو الخواص الفيزيائية لمعدن ما ، بل ولا في البايولوجيا ، عنى القرآن بالسنة ( النفسية الاجتماعية ) ، واعتبر أن هذه السنة ثابتة ، فلا تتغير ولاتتبدل ( ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلا ) ( 10 )
وإذا كانت حركة التاريخ تخضع للقانون ( السنة ) فهل التاريخ يعمل بشكل آلي أعمى ، أم له قانونه الخاص الذي ينتظمه ؟؟ هذا السؤال هو لب المشكلة الفلسفية ، فالقانون يفرض نوعا ً من ( الحتمية - DETERMINISM ) على العقل ، ولكن قانون الفيزياء غير قانون البايولوجيا ، كما أن قانون الذرة هو غير قانون المجرة ، وقوانين ( ميكانيكا الكم ) هي غير قوانين ( النسبية ) ، وغير القوانين ( النفسية والاجتماعية ) ، ذلك أن المجتمع له قوانينه الخاصة التي تسيِّره ، ولكن الديناميكية الاجتماعية مرتبطة بالإرادة الإنسانية ، لذا أصبح المجتمع متطوراً وقابلاً للتغيير .
يقول مالك بن نبي (( إن كل قانون يفرض على العقل نوعاً من الحتمية تقيد تصرفه في حدود القانون ، فالجاذبية قانون طالما قيد العقل بحتمية التنقل براً أو بحراً ، ولم يتخلص الإنسان من هذه الحتمية بإلغاء القانون ، ولكن بالتصرف مع شروطه الأزلية بوسائل جديدة تجعله يعبر القارات والفضاء كما يفعل اليوم . فإذا أفادتنا هذه التجربة شيئاً إنما تفيدنا بأن القانون في الطبيعة لاينصب أمام الإنسان الدائب استحالة مطلقة ، وإنما يواجهه بنوع من التحدي يفرض عليه اجتهاداً جديداً للتخلص من سببية ضيقة النطاق ... وبذلك تتغير وجهة النظر في سير التاريخ ، إذ أن المراحل التي تتقبل أو لاتتقبل التغيير حسب طبيعتها تصبح مراحل قابلة كلها للتغيير ، لإن الحتمية المرتبطة بها أصبحت اختياراً يتقرر في أعماق النفوس )) ( 11 )
وإذا كانت ( السنة أو القانون ) تسيطر على الوجود بكل قطاعاته بدءً من الذرة وانتهاءً بالمجرة ، من الالكترون حتى النفس الإنسانية ، ومن الجزيء الكيمياوي حتى المجتمعات ، فكيف يمكن فهم قانون تغيير مابالنفوس ؟؟
إن النفس الإنسانية لاتشكل لحناً شاذاً في منظومة الوجود ، ولكن قطاع التغيير فيها يختلف عن العالم المادي أو البايولوجي ، فــ ( وحدة التأثير - UNIT ) هنا هي ( الفكرة ) إضافة أو تعديلاً أو ابتداءً ، واعتبرت الآية القرآنية أن إمكانية تغيير مابالنفس ممكناً ، والواقع يمدنا بشواهد يومية على ذلك ، بل إنها ربطت تغيير الواقع ، ومن خلال سنة الله في خلقه ، بتغيير رصيد مابالنفوس (( إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم )) ( 12 ) ، ففي هذه الآية الرائعة والتي تشكل بناءً أساسياً وفكرة مفصلية في منظومة المعرفة الإسلامية ( الابستمولوجيا ) تنقدح ( حزمة ) من الأشعة الفكرية !!
يقول الشعاع الفكري الأول : إن الإرادة الآلهية شاءت أن يقوم التغيير الاجتماعي على أساس مجموعة من السنن المحكمة ، ومن هذه السنن ( الجهد الإنساني ) ، فالله لايغير الواقع الاجتماعي ، مالم يتدخل الفعل الإنساني ، على كل تفاهته وضعفه ، فلولا الماء المهين الذي نمنيه ( نحن ) ماتمت عملية الخلق التي لاحدود لروعتها ، وهذا تكريم إلهي للإنسان على دوره في هذا الوجود من خلال وظيفة الاستخلاف التي أُنيط بها .
ويقول الشعاع الفكري الثاني : إن هذا القانون دنيوي أرضي فحظوظ الإنسان في الدنيا تتعلق بالمجتمع الذي يحيا فيه الإنسان ، فلو خير الطفل اليوم بين أن يولد في راوندا أو ألمانيا ، لاختار قطعاً ألمانيا ، والسبب بسيط هو وجود الضمانات ، فمنذ اليوم الأول من ولادة الإنسان ، تكون حظوظه أن لايموت في الأمراض ، أو أن لايقتل بحرب أهلية ، أو أن لايموت جوعاً ، أو أن يكون منعماً غنياً عنده مهنة ممتازة ، أو أن يحصِّل تدريساً عالياً ، ولا يعني هذا أن كل من يولد في راوندا يكون فقيراً ، أو من يولد في الصومال مريضاً ، أو من يولد في أفغانستان مقطوع الساقين بقذيفة مدفع ، ولكن احتمالات كل هذه وبنسبة تتراوح تزيد وتنقص حسب الوضع التاريخي للمجتمع ، فلو ولد الفرد في ألمانيا قبل نصف قرن لربما قتل في إحدى الجبهات ، أو لو ولد يهودياً أن قضى نحبه في إحدى معسكرات الاعتقال النازية . لذلك كان المسؤولية والحساب في الآخرة فردية ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة ) ( 13 ) في حين أن الكوارث الاجتماعية تتناول كل شرائح المجتمع ( واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) ( 14 ) ، وفي حديث السفينة عبرة كبيرة للمشكلة الاجتماعية ( 15 ) فعندما تنطلق القوارض ؛ من جرذان السفن الاجتماعية تنهش في قعر السفينة ثَقْباً ، فإن الذي يغرق في هذه الحالة الجميع بدون استثناء ، بمافيهم القوارض الفاسدة الحمقاء التي لاتبصر أكثر من أرنبة أنفها ، بتضخم الذات المريضة السرطانية على حساب المجتمع ( مثل تلك المناظر اليومية المؤذية والعدوانية ، من الوقوف أمام إشارة المرور ، فيتحرك المخالف الذي ركب على رقبة الناس وسرق وقتهم ، عندما يزمر له طابور السيارات المصطف خلفه ؟! ) .
ويقول الشعاع الفكري الثالث : إن هذا القانون بشري ، يضم تحت شموليته كل البشر مؤمنين وملحدين ، مسلمين وكافرين ، وهذا يطلق شرارة يقظة على عدة مستويات : المستوى الأول : إن الكون مسخر ( كمونياً ) بالقوة ، يتسخر مجاناً لمن يدرك قوانين تسخيره ، بغض النظر عن العقيدة التي يعتنقها ، فهو حقل متاح للجميع ( كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا ) ( الإسراء : 20 ) وهكذا طير الأمريكيون الحديد في الهواء ، وأطلق اليابانيون الإعصار الالكتروني من قمقمه ، ويفتك الصرب اليوم بالمسلمين بالسلاح الذي طوره الشيوعيون . المستوى الثاني : ليس هناك محاباة ووساطة ورشاوي في هذا الكون الذي نعيش فيه ، وليس هناك قربى وزلفى إلا بالعمل المتقن ، والإخلاص بدون حدود ، والحذر من الأخطاء بدون نوم ، ويجب أن يدرك المسلمون أنهم يعذبون بذنوبهم اليوم ، كما عذب اليهود والنصارى من قبل (( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه !! قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق )) ( 16 )
ويقول الشعاع الفكري الرابع : إن هذا القانون اجتماعي وليس فردي ، فلو أراد فرداً أومجموعة صغيرة أن تغير مابنفسها ، فقد يحصل العكس ، فقد تتعرض للسحق تحت قانون ( الدجاجة الجريحة ) الذي ذكره المؤرخ البريطاني توينبي ، من أن الخارجين عن الانضباط الاجتماعي يصبحون مثل الدجاجة المجروحة ، فتأتي بقية الدجاجات وتنقر محل الجرح النازف حتى الموت ؟!! ولذا كان المجددون والأنبياء والمصلحون الاجتماعيون يعيشون حياتين : داخلية غنية خصبة مليئة بالمعاني والقيم ، وأخرى خارجية صعبة وغير مريحة ، في حين أن أصحاب العقارات والملايين يعيشون نفس الوضع ولكن مقلوباً ، لإن المال عندهم يسبح بين الحسرة والقلق ، الحسرة على المزيد والقلق على ماهو موجود ، لذا كان على عاشقي الحكمة ومحبي العلم ، أن لايكنزوا لهم كنوزاً على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ وينقب الناقبون ويسرق اللصوص ؟!
ويقول الشعاع الفكري الخامس : إن لفظة ( ما ) في آيةٍ استبدلت بلفظة ( نعمة ) في آية أخرى ، وبذلك فيمكن للنعم أن تتغير لتصبح ( نقماً ) !! والعكس صحيح ؛ من خلال تغيير مابالنفوس ، والنعم كثيرة لايحصيها العدد ، من الصحة والغنى والتعليم والحياة الزوجية الهنيئة وظروف العمل المريحة والأمن الاجتماعي ، ومقابلاتها من انتشار الأمراض ، وفساد التعليم ، وسوء نظم القضاء والخيانات الزوجية ، والتوتر في ظروف العمل ، والخوف الاجتماعي ، وجمعت الآية القرآنية نموذجين متواجهين (( وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنةً مطمئنةً يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون )) ( النحل : 112 ) وليس هناك من ( نعمة ) أعظم في المجتمع من الشعور بالأمن إذا اجتمع مع رغد العيش وراحة البال ، وكنت أتعجب من ( الوجوه الألمانية الكالحة والمتجهمة ) مع كل رغد العيش المتوفر والسلام الاجتماعي ، واليوم أدرك أن أعظم سعادةٍ يحققها الإنسان في هذه الدنيا هي ( قوت اليوم ) في مجتمع يوفر ( الضمانات ) للأفراد الذين يعيشون فيه ، ضمن ( الطمأنينة الروحية ) وبدون الجانب الروحي الأخير فلا فائدة من كل الشوكولاتة الاجتماعية ( وتطمئن قلوبهم بذكر الله ) فهذه الطمأنينة هي التي كان يفقدها الألمان والغربيون عموماً فلا يشعرون بالسعادة مع كل مجتمع الرفاهية ، والعكس صحيح بفقر عالم ( الأشياء ) فالعلماء تفيض قلوبهم بالسعادة ولو فرغت جيوبهم من الدولارات ، لإنهم ( لايملكون الأشياء كما لاتملكهم الأشياء ) .
إذا ً كيف يحصل التغيير الاجتماعي ؟؟
إن جواب هذا يتعلق بفكرتي ( الكتلة الحرجة ) و ( المثلث الاجتماعي ) .
فكرة المثلث الاجتماعي :
حتى يمكن السيطرة صحياً وفي منطقة ما ، فلايشترط أن يتحول كل الناس إلى أطباء بل يكفي قدراً معيناً ، وهذا يختلف من منطقة إلى أخرى ويتعلق بمجموعة من العوامل ( عدد السكان _ الأمراض المتوطنة _ الحالة المعيشية _ التعليم _ المواصلات الخ .. ) فكيف يمكن خلق وضع صحي جيد في بلد ما ؟ فأقول تقريباً للموضوع مايلي : حتى يمكن إشباع المجتمع صحياً والقضاء على الأمراض ومعالجتها في مجتمع ما ؛ لابد من وجود ( كتلة اجتماعية حرجة ) تقوم بالدور الصحي ، هذه الكتلة الحرجة تنتظم ( مثلثاً ) ذو أضلاع ثلاثة يجلس في الضلع الأول ( الأشخاص الفنيون ) ( الأطباء والممرضون والفنيون .. الخ ) ، ويكون في الضلع الثاني ( المؤسسات الصحية ) ( المشافي المستوصفات المخابر مراكز البحث العلمي الخ .. ) ، وأما الضلع الثالث فيحوي ( الأفكار ) وهي هنا تمليح المجتمع بنشر الفكر الصحي الإيجابي ، أي برفع مستوى الوعي الصحي عند الأفراد ، فلا يكفي بناء مشفى وشراء لأحدث المعدات كي ينتظم عمل المؤسسة الصحية ، ذلك أن الحضارة ليست شراءً للأشياء ، بل هي عملية بناء ، والشراء مهما كانت الأموال خلفه ( سينفد ) ( ماعندكم ينفد وما عند الله باق ) ( النحل : 96 ) وتختصر في ثلاث كلمات ( بناءٌ لها وصيانتها والقدرة على تطويرها لإنها تمتلك السر الحضاري وبالتالي العلاقة الجدلية بين الآلة والإنسان وهي الآن جوهر مشكلة التطوير والتبعية بين الدول الصناعية ودول الأطراف ) .
إن انتشار الأفكار وإدراك الناس لأهميتها والتزامهم بها يؤدي إلى توتر الشبكة الصحية وقيامها بوظيفتها بفعالية . وتطبيق مثل هذه الفكرة يجعلنا ندرك أثر تطبيقها في بقية مساحات المجتمع من أسفل الشرائح الاجتماعية وانتهاءً بأعلاها . و كذك يفهم الاقتصاد وبقية القطاعات الاجتماعية بما فيها المؤسسة العسكرية .
وبالطبع فإن الاقتصاد كما قلنا لايخرج أيضا ً عن القاعدة الصحية التي ذكرناها فيما سبق أي وجود المثلث الذي يضم ( أشخاص + مؤسسات + وعي فكري مطابق ) . فهذا هو مثلث النهوض بأي مساحة اجتماعية من خلال تشكيل الكتلة الحرجة والشبكة الاجتماعية المتوترة . وهكذا فإن نهوض اقتصاد صحي لابد من تهيئة عناصره الأولية ، وأول عناصره الهامة على الإطلاق هي الإنسان الاقتصادي، أي الإنسان المختص بفهم ميكانيكية هذا العلم وقوانينه التي تحكم سيره .
فكرة الكتلة الحرجة : يمكن فهم المثلث الاجتماعي الذي ذكرناه بصورة أخرى ، فحتى يحصل التغيير الاجتماعي لابد من تشكل نسبة اجتماعية معينة من الناس لاينقصون عنها ولافائدة من زيادتها إن لم تربك ( كتلة حرجة CRITCAL MASS ) من الذين يبنون المؤسسات وينشرون الأفكار الصحية ، لإن بعض الأمراض فيها قدرة العدوى ، في حين أن الأفكار فيها قدرة العدوى دوماً ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الفكرة الجيدة فيها صفة الخلود ، في حين أن الفكرة السيئة فيها الصفة السرطانية ( التورم غير الصحي والموت بعد حين ) وهو تعبير القرآن بأن الفكرة السيئة هي ( خبيثة - MALIGNANT ) ، وفكرة الكتلة الحرجة كونية سواء في المادة الصلبة أو السوائل ، في البايولوجيا أو النفس ، في الانفجار الذري أو غليان الماء أو التغيير الاجتماعي ، فهو قانون انطولوجي وجودي . ولعله الذي أشار إليه ابن خلدون في مقدمته أيضا ً ، من أن التراكم ( الكمي ) يحدث انقلاباً ( نوعياً ) مع الزمن ( 17 ) ولمزيد من فهم الفكرة نقول : من أجل تمليح الماء حتى يحفظ الجبن ، كانت النسوة قديماً يلجأن إلى إضافة الملح بالتدريج ، ولايكفي مجرد الإضافة ، بل لابد من التفاعل حتى يذوب الملح في الماء تماماً ، أي يختلط بدرجة التجانس ، وتستمر هذه ( الإضافة ) وهذا ( التفاعل ) إلى الدرجة التي يكون الوسط قد أشبع إلى ( الدرجة الحرجة ) بحيث أننا نعرف مثلاً أنه مناسب لحفظ الجبن بوضع البيضة فتطفو على السطح .
إن قوانين المواد والسوائل تتشابه بدرجة كبيرة ، فتفجير القنبلة الذرية يحتاج أيضاً إلى ( الكتلة الحرجة ) فلاتنفجر إذا وضعت بكميات اعتباطية ، بل لابد من كتلة حرجة ، بحيث تضغط كتلتان من مستوى ( ماتحت الحرج ) كي تصبحان بعد الدمج فوق الكتلة الحرجة ؛ فيحصل الانفجار المهول . هذه ( الكتلة الحرجة ) تعتبر سراً حربياً للدولة مالكة السلاح الاستراتيجي . ويسري هذا القانون على النفس فلابد من وصول النفس إلى درجة ( التأثر الحرج ) كي تنفجر النفس بالبكاء والعيون بالدموع ( ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق ) ( 5 : 83 ) . ويصل هذا القانون إلى المجتمعات فكما أن درجة غليان الماء لاتحدث إلا بــ ( الدرجة الحرجة ) وهي 100 سنتيغراد ، فلايتم الغليان حتى تصل الدرجة المتجانسة للماء كله الموضوع على بؤرة التسخين إلى درجة 100سنتجراد . وكذلك الحال في التغيرات الاجتماعية الكبرى التي تتخمر فيها الأحداث وتحبل فيها الليالي ، فلايحدث الغليان مالم يصل إلى الدرجة الحرجة .
وهكذا فـ ( الماء ) حتى يغلي لابد له من ( الدرجة الحرجة ) و( القنبلة الذرية ) تحتاج لانفجارها إلى ( الكتلة الحرجة ) و( الجبن ) حتى يُحفظ يحتاج لــ ( الوسط الحرج ) والتغيير الاجتماعي لابد له من كتلة إنسانية حرجة سواء ( نوعياً ) أو ( كمياً ) حتى يتم الإصلاح المنشود .
ولتبسيط الموضوع أكثر نقول ، كما أن خبراء السوائل أو الأطباء عندهم من الأجهزة مايحكمون به على تشبع الوسط بالكمية الحرجة ، أو الغليان بالوصول إلى الدرجة الحرجة ، كذلك يفعل خبراء المجتمع سبراً وقياساً وإدراكاً بل وتنبؤاً عن تغير المجتمع .
والآن إلى أخطر قطع البحث ، إلى قاعة العمليات الجراحية : للتداخل على استئصال الأورام الفكرية والزوائد الذهنية ، أو عمليات التصنيع الشريانية العقلية . لابد قبل العمل الجراحي من معرفة ( تشريح الخارطة النفسية ) فكما أن الجراحة تحتاج بالدرجة الأولى إلى ( المعرفة المحيطة بالتشريح - ANATOMY ) كذلك لابد من معرفة خارطة المفاتيح النفسية ، ونحن هنا لانحتاج إلى معرفة ( كنه وحقيقة النفس ) فهذه يبدو لاجدوى منها ولن نصل إليها - على الأقل في القريب العاجل _ مايهمنا هو كيفية عمل النفس ( ديناميكية النفس ) ، كيف يمكن أن نشحن فكرة أو نستأصلها أو نضيفها أو نستبدلها ، وهذه تحت السيطرة الإنسانية ، فيمكن الدخول إلى باطن النفس ومعالجة الاضطرابات الذهنية والفوضى العقلية ، بجراحات دقيقة .
إن النفس الإنسانية تعمل في مستويين هما طبقة ( الوعي ) وشريحة ( اللاوعي ) ، ولكن الدخول إلى الوعي أو اللاوعي هو فقط عن طريق الأفكار ، وهذه مرتبطة بميكانيزم آخر ، هو مدى تشبع النفس بالفكرة ، أو على حد تعبير القرآن ( الرسوخ ) ، فالفكرة قد يكون وزنها ( ميكروغرام ) وقد يكون وزنها ( ميجاطن ) !! فعندما تترسخ الفكرة وتهضم جيداً تتحول إلى اللاوعي ، والدماغ الإنساني يعمل حتى في الليل ، فلايعرف الراحة كما يتصور البعض ، حتى في النوم كما ثبت من الدراسات الالكترونية المتقدمة ، والمسائل العويصة يشتغل عليها والإنسان غافل عنها ، فهو في أحد وظائفه كمبيوتر مدهش ، فهو ( يعالج ) المعضلات حتى لو تركها الإنسان ، ثم يقفز بنتائج عمله فجأة ( حسب التجلي ) وهو مايحصل معنا في تذكر المعلومات أو الأسماء . وآلية اللاوعي هامة من أجل خزن الخبرات ، وإطلاق الحرية الإنسانية دوماً . فلو تم تشغيل الوعي دوماً بالمعلومات ، ولم يرسلها إلى الآليات العميقة المختبئة في اللاوعي ، لكان معناه كارثة فعلية للإنسان بسبب النسيان ، فالنسيان في الواقع هو في صالح آليات اللاوعي ، كما في تعلم اللغات وقيادة السيارة وبقية المهارات اليومية . حيث تتخمر هناك وتعمل بشكل آلي بدون تفكير ، و ( العواطف ) هي تعبيرات اللاوعي ، فهي تلك الأفكار الدفينة والتي نسيناها منذ زمن بعيد ولانعرف عنها شيئاً ، ولكنها توجهنا بشكل مرعب ، فالصربي الذي يقتل المسلم اليوم ، ومن خلال شحن الذاكرة الجماعية
بدماء معركة ( أمسلفيلد ) في كوزوفو قبل 600 عاماً ، قد امتلأ ( اللاوعي ) عنده بأفكار سرطانية تتطلب جراحة أورام رهيبة ، ومعالجة كيمياوية ضد السرطان مكثفة ، واختراق فكري شعاعي لتطهير هذا العمق المملوء بالعفن . والمثل الصربي واضح ، ولكن كل مجتمع يحمل الكثير من هذه السرطانات المخيفة والمختبأة بكل أمان وسرية في تلافيف الدماغ الداخلية .
كذلك هناك علاقة بين هاتين الطبقتين وتعملان بتنسيق متصل ، وكما يحدث في الوشيعة الكهربية من تحويل الطاقة الكهربية من 110 فولط إلى 220 ، كذلك يمكن الانتقال من الوعي إلى اللاوعي ، ولكن ( التردد الكهربي ) داخلنا هو عادة في فولتاج ( الوعي - اللاوعي ) وليس العكس ، بمعنى أن الأفكار تمشي أولاً إلى الوعي ( باستثناء الأطفال والعوام التي قد تمر الأفكار مباشرةً الى اللاوعي عندهم كما في تشكل السلوك بالتقليد ) حتى إذا تخمرت تشربها اللاوعي وانفصلت عن الوعي ، فأصبحت في اللاوعي ( خبرة ) و ( تحرر ) الوعي لاستقبال أفكار جديدة ، وهي في حالة سيالة متصلة ، فإذا زاد ترسخ الأفكار في اللاوعي تشكلت ( العواطف ) فأفرزت ( السلوك ) فالأخلاق في النهاية هي المحصلة الأخيرة والتعبير الصادق لعمق الأفكار واتساعها ورسوخها في النفس .
وإذا كنا من أجل ( أجهزة ) معينة نضطر لتحويل السيالة الكهربية بشكل معاكس من 110 فولط إلى 220 فولط ، كذلك يمكن نقل سيالة ( اللاوعي ) إلى ( الوعي ) وهو مايفعله المحللون النفسيون أحياناً ، فإذا ظهرت تلك ( العفونات ) المختبأة بدون ( أكسجين عقلي ) إلى الضوء والهواء الطلق تعافى الإنسان وكأنه نشط من عقال . وهذا إن دل على شيء فهو يفيد بمدى قدرتنا على تشكيل الإنسان وتحول الأخلاق إلى ساحة العلم . هذه هي بعض مفاتيح تغيير الإنسان ، وعندما نستطيع تغيير الإنسان يمكن أن نمسك بمقود التاريخ .
تقول الأسطورة أن عملاقاً أرسل كتاب تحية إلى عملاق منافس في أرض مجاورة ، فلما تسلم الثاني الخطاب مزق الرسالة وشتم الأول ، فهرع إليه لينتقم منه والأرض تهتز تحت أقدامه ، فلما سمع الثاني وقع الأقدام أصيب بالرعب ، فهدأته زوجته ، ونصحته بالاستلقاء بالفراش والاختباء كي تتولى الأمر هي بآلية ( الأفكار ) لا بآلية ( العضلات ) ، وغطته باللحاف باستثناء قدميه الضخمتين ، فلما اقترب العملاق الغاضب المزمجر ، اعتذرت عن عدم وجود زوجها ورجته أن لايرفع صوته حتى لايوقظ ( ابنها النائم ) فلما التفت فرأى الأقدام الفظيعة البارزة قال في نفسه إن كان هذا غلامه فكم يكون الأب ، فأصيب بالرعب وولى الأدبار ( 18 ) ؟؟!! .
مراجع وهوامش :
( 1 ) وقعت عام 1389 ميلادي حيث انتصر فيها العثمانيون بقيادة معركة أمسل فيلد السلطان مراد خان الأول على الصرب الذين كان يقودهم الملك لازار ، ومن غرائب الأحداث التاريخية أن كلاهما قتل في هذه المعركة ، فأما السلطان العثماني فغدراً من جريح في المعركة ، وبعدها سقطت البلقان بما فيها صربيا تحت الحكم العثماني لمدة خمسة قرون _ راجع كتاب تاريخ الدولة العلية العثمانية تأليف محمد فريد بك المحامي ص 135 - ومازال الصرب حتى اليوم يحتفلون بذلك التاريخ المر ، ويندبون قتلى تلك المعركة التي مضى عليها مايزيد عن ستة قرون ؟! وأما النزاع الديني فيراجع في هذا كتاب محاضرات في النصرانية لمحمد أبو زهرة ص 161 وكان منشأ الخلاف أن الكنيسة الشرقية اعتبرت أن روح القدس هو من الآب فقط في حين أن الكنيسة اللاتينية قالت إنه مشتق من الاثنين الآب والأبن ؟! ( 2 ) كتاب التاريخ لابن خلدون ( كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أخبار العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر ) ( 3 ) المقدمة ص 33 ( 4 ) مقدمة كتاب التحرير لمقدمة ابن خلدون ص 8 ( 5 ) تجديد التفكير الديني - محمد إقبال - ص 162 ( 6 ) يراجع في هذا بالتفصيل كتاب عندما تغير العالم - كتاب عالم المعرفة رقم 185 _ تأليف جيمس بيرك _ ترجمة ليلى جبالي (( وجدير بالذكر أن مدينة بادوا كانت المكان الذي هرب إليه معظم مؤيدي الفيلسوف العربي ( ابن رشد ) ( AVERROISM ) في القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر لمواصلة تعليم فلسفته في البحث التجريبي لدراسة الكون الذي يشبه في نظرهم آلة تسير وفقاً لقوانين عقلانية )) ص 94 - 95 ( 7 ) الموسوعة الفلسفية المختصرة ص 562 ( 8 ) ، وتقوم الطريقة الاستنباطية على وضع المقدمة والقياس عليها وهي مقدمة كبرى وصغرى ونتيجة ( كل انسان فان . أحمد انسان . أحمد فان ) في حين أن الطريقة الاستقرائية تعمل من تحت لفوق بالعكس ، فهي تجمع الوقائع ثم تخرج بالقانون الذي ينتظم الوقائع ويفسرها ، والفرق الجوهري أن المنطق الأرسطي الصوري يبقى في الإطار النظري في حين أن منطق البحث التجريبي ، والذي انطلق به المسلمون من روح القرآن ، هو الانطلاق من الواقع واستخراج قانونه الذي يفسره . يراجع كتاب ( منطق ابن خلدون ) للدكتور علي الوردي ص 21 والمثل المضحك عن ( أسنان الحصان ) حيث اجتمع رهط من تلامذة أرسطو يتناقشون في أسنان الحصان ، فاختلفوا وكل مكنهم أراد إثبات وجهة نظره ( نظرياً ) فلم يكلف أحدهم خاطره ويلوث يده بفتح فم الحصان والنظر في نوعيتها !! ( 9 ) يراجع كتاب تجديد التفكير الديني - محمد إقبال - ( غير أن رياضة الباطن ليست إلا مصدرا واحدا من مصادر العلم والقرآن يصرح بوجود مصدرين آخرين هما الطبيعة والتاريخ ) ص 146 ( 10 ) فاطر 42 ( 11 ) كتاب ( حتى يغيروا مابأنفسهم ) تأليف جودت سعيد _ تقديم مالك بن نبي - ص 11 ( 12 ) لاتوجد سوى آيتان في القرآن في هذا المعنى الأولى من سورة الرعد المذكورة أعلاه ، والثانية من سورة الأنفال استبدلت لفظة ( ما ) بلفظة ( نعمة ) فقالت : ذلك بأن الله لم يك مغيراً ( نعمة ) أنعمها على قوم حتى يغيروا مابأنفسهم ) ( 13 ) الأنعام 94 ( 14 ) الأنفال 25 ( 15 ) الحديث : مثل القائم على حدود الله والواقع فيه كمثل قوم استهموا على سفينة فكان بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ًولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وماأردوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا ( 16 ) المائدة 18 ( 17 ) يراجع المقدمة ص 29 ( 18 ) حتى يغيروا مابأنفسهم ص 91