تخصيص تفضيلات الموافقة

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لمساعدتك على التنقل بكفاءة وأداء وظائف معينة. ستجد معلومات مفصلة حول جميع ملفات تعريف الارتباط ضمن كل فئة موافقة أدناه.

يتم تخزين ملفات تعريف الارتباط المصنفة على أنها "ضرورية" في متصفحك لأنها ضرورية لتمكين الوظائف الأساسية للموقع.

نستخدم أيضًا ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية التي تساعدنا في تحليل كيفية استخدامك لهذا الموقع ، وتخزين تفضيلاتك ، وتوفير المحتوى والإعلانات ذات الصلة بك. لن يتم تخزين ملفات تعريف الارتباط هذه في متصفحك إلا بموافقتك المسبقة.... 

دائما فعال

Necessary cookies are required to enable the basic features of this site, such as providing secure log-in or adjusting your consent preferences. These cookies do not store any personally identifiable data.

Functional cookies help perform certain functionalities like sharing the content of the website on social media platforms, collecting feedback, and other third-party features.

Analytical cookies are used to understand how visitors interact with the website. These cookies help provide information on metrics such as the number of visitors, bounce rate, traffic source, etc.

Performance cookies are used to understand and analyze the key performance indexes of the website which helps in delivering a better user experience for the visitors.

Advertisement cookies are used to provide visitors with customized advertisements based on the pages you visited previously and to analyze the effectiveness of the ad campaigns.

كيف ولدت فكرة ميكانيكا الكم

  ...........  بقلم خالص جلبي   ...........

تقدم الرسول التركي المعمم قد وضع يده على مقبض سيفه المعقوف فدفع بالرسالة إلى القائد النمساوي ستارهمبرج (STARHEMBERG) ففضها على عجل؛ ليقرأ انذاراً مروعاً من قائد الجيش العثماني (قره مصطفى باشا)؛ يأمره فيها بالتسليم لأن السلطان العثماني قد قرر ضم النمسا لملكه، فمن امتثل حافظ على روحه وممتلكاته، ومن عصى شَطَرَه ومايملك بحد السيف!!.
كان ذلك في صيف عام 1683م بعد 35 سنة من نهاية حرب الثلاثين عاما المذهبية في أوربا، والتي قضت على ثلث الساكنة في ألمانيا (ستة ملايين من أصل 21 مليونا) وتم تدمير ثمانين ألف قرية ومدينة، ويراجع في هذا قصة الحضارة لويل ديورانت في فهم تفصيل الكارثة. وهكذا جاءت كارثة جديدة فوق رأس الأوربيين بعد كارثة حرب الثلاثين سنة.
كانت فيها العاصمة النمساوية محاصرة بجيش تركي قوامه ربع مليون جندي، وكان هذا الحصار الثالث (والأخير) من نوعه، الذي يخترق فيه العثمانيون وسط أوربا، ففي 12 أيلول سبتمبر بعد حوالي شهرين من الحصار؛ حيث فر فيها معظم الأهالي بمن فيهم القيصر النمساوي ليوبولد الأول، أمكن صد الهجوم وفك الحصار، وكان العنصر الرئيسي في هذا التحول جيش بولوني قاده الملك يوحنا سويبسكي الثالث، قفز لنجدة أهل فيينا في اللحظة التاريخية الحرجة فأنقذ ليس فقط النمسا، وتنفست أوربا كلها الصعداء من الخطر العثماني الذي انكسرت حدته تماماً بعد ذلك، بل وانكسر الميزان العسكري بكامله، فلم يرى العثمانيون بعدها انتصارات ذات بال؛ بل بالأحرى هزائم وعلى شكل كوارث، وتابع المخطط العثماني التاريخي مسيرته الانحدارية، حتى أسلمت دولة آل عثمان الروح مع مطلع القرن العشرين.
كان الانكسار العثماني على أبواب فيينا نقطة تحول في التاريخ الأوربي الحديث ففي الوقت الذي بدأت فيه مسيرة التراجع العثماني قفزت قوى جديدة الى المقدمة، فصعدت الامبراطورية النمساوية الهنغارية، لتنهار في النهاية هي وغريمتها العثمانية مع نهاية الحرب العالمية الأولى. وهذا التحول على أبواب فيينا لم يكن في أعماقه عسكرياً فحسب بل تحولاً حضارياً بالكامل، فالعقل الأوربي كان قد بدأ مسيرته قبل ذلك، وفي الوقت الذي كان السلطان العثماني (محمد خان الرابع) يُعزل من العرش عام 1687م، كان (اسحق نيوتن) منهمكاً في انتاج كتابه (الأسس الرياضية للفلسفة الطبيعية) (PRINCIPIA MATHEMATICA PHILOSOPHIA NATURALIS) الذي ترك بصماته على الفكر الانساني حتى هذه اللحظة. ولكن من أين تنبع أهمية كتاب اسحق نيوتن في فلسفة الطبيعة؟
في الوقت الذي كان الاتراك يحاصرون فيينا والحروب الدينية تعصف في أوربا، كان اسحاق نيوتن يقوم بتطوير حساب التفاضل والتكامل، ويكتشف قانون الجاذبية، ويستهويه الضوء فيريد معرفة أسراره، فأوربا التي صدت الخطر التركي في الربع الأخير من القرن السابع عشر، كانت غير أوربا التي اقتحمها العرب من الغرب في القرن الثامن الميلادي، وغير أوربا بعد ستة قرون التي اقتحمها الأتراك من الشرق هذه المرة في القرن الرابع عشر للميلاد، فقد بدأت روح جديدة في التدفق في مفاصل المجتمع الأوربي المسيحي، واسحاق نيوتن كان خلية من هذا الجسد الجديد الفتي، كما أن نيوتن لم يأت من فراغ ولم يتشكل فكره إلا من خلال وثبات فكرية سابقة، ففي عام 1543 للميلاد حدثت زلزلة عقلية مثلثة الزوايا في فهم الكون والجسم الانساني وجغرافية الكرة الأرضية، فــ (كوبرنيكوس) اكتحلت عيناه قبل موته بساعات قليلة برؤية كتابه حول دوران الكرات السماوية، فقلب التفكير الانساني حول الكون، فأصبحت الشمس لاتدور حول الأرض بل العكس، وتحولت الأرض إلى تابع بسيط حول الشمس، واستطاع (فيزاليوس) أن يقوم بأول تشريح لجسم الانسان وكان من المحرمات، كما تم تدشين الجغرافيا الجديدة للكرة الأرضية، فعرفت قارات جديدة وتحول بحر الظلمات الى المحيط الاطلنطي، مما دفع المؤرخ الأمريكي (ويل ديورانت) أن يسمي هذا العام في كتابه قصة الحضارة بعام العجائب. ويجب الانتباه إلى عدم الخلط بين تاريخ 1543 وعام 1453 فعام العجائب كان مع منتصف القرن السادس عشر الميلادي أما منتصف القرن الخامس عشر فترافق مع استيلاء العثمانيين على لؤلؤة الشرق القسطنطينية ليتحول اسمها إلى مركز الاسلام أو مدينة الإسلام (اسلام بول أو استانبول).
كان نيوتن يتساءل لماذا يتشكل طيف قوس قزح من مجموعة من الألوان؟ ما لذي يجعل الضوء فجأة بمجموعة سبعة ألوان بعد أن كان أبيضاً أو لنقل بكلمة أصح عديم اللون؟ هل الضوء (مكون) من مجموعة ألوان فاذا امتزجت هذه الألوان تشكل الضوء الذي نعرفه؟ ثم ماهي طبيعة الضوء؟ مم يتكون في الحقيقة؟ وهل له سرعة؟
في الواقع إن الضوء كان ومازال (مستودع الأسرار) فمنه انطلق (نيوتن) في فهم ظاهرة الطيف اللوني (قوس قزح) ومنه انهارت الفيزياء الكلاسيكية فجاء المقتل من نفس المولد كما سنرى بعد قليل، ومنه انبثقت النظرية النسبية التي لاترى شيئاً مطلقاً ثابتاً في هذا العالم الا (ثبات) سرعة الضوء العجيبة فوصلت إلى قلب مفاهيم الزمان والمكان والطاقة والمادة، ومنه انبثقت (ميكانيكا الكم) من خلال حل معضلة (اشعاع الجسم الأسود).

حقوق النشر محفوظة ، خالص جلبي 2025  
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram