تخصيص تفضيلات الموافقة

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لمساعدتك على التنقل بكفاءة وأداء وظائف معينة. ستجد معلومات مفصلة حول جميع ملفات تعريف الارتباط ضمن كل فئة موافقة أدناه.

يتم تخزين ملفات تعريف الارتباط المصنفة على أنها "ضرورية" في متصفحك لأنها ضرورية لتمكين الوظائف الأساسية للموقع.

نستخدم أيضًا ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية التي تساعدنا في تحليل كيفية استخدامك لهذا الموقع ، وتخزين تفضيلاتك ، وتوفير المحتوى والإعلانات ذات الصلة بك. لن يتم تخزين ملفات تعريف الارتباط هذه في متصفحك إلا بموافقتك المسبقة.... 

دائما فعال

Necessary cookies are required to enable the basic features of this site, such as providing secure log-in or adjusting your consent preferences. These cookies do not store any personally identifiable data.

Functional cookies help perform certain functionalities like sharing the content of the website on social media platforms, collecting feedback, and other third-party features.

Analytical cookies are used to understand how visitors interact with the website. These cookies help provide information on metrics such as the number of visitors, bounce rate, traffic source, etc.

Performance cookies are used to understand and analyze the key performance indexes of the website which helps in delivering a better user experience for the visitors.

Advertisement cookies are used to provide visitors with customized advertisements based on the pages you visited previously and to analyze the effectiveness of the ad campaigns.

ما هو الصنم؟ (2)، تشريح بنية الوثنية السياسية 

  ...........  بقلم خالص جلبي   ...........

علينا فتح النقاش فعلا حول مفهوم الصنم، فما هو؟ قد يكون الصنم حجرا او بشرا او (ايديولوجية). ولكنه يتظاهر دوما بانه متعال ما فوق بشري يملك صفات خارقة ويتلون حسب العصور ويفرض على العقل الانساني الانصياع والرهبة.

لذا وصف الفيلسوف (محمد اقبال) ان الصنم (مناة) تحافظ على شبابها عبر الازمنة: (تبدل في كل حال مناة... شاب بنو الدهر وهي فتاة). قد يكون الصنم (تمثالا) لامعا يمنح البركات، يطوف حوله بشر مغفلون يزعمون انه يشفي العلل ويقيم المشلولين وتحبل العقيم بلمسة منه. أو (بشرا) متعاليا فوق الخطأ ودون النقد، كلماته حكم خالدة، وألفاظه شعارات تعلق في كل الشوارع، وصوره مرفوعة بكل الالوان والاحجام واللقطات حيثما قلب المرء وجهه. أو (ايديولوجية) لا تقبل المراجعة فرضها (كهان) يتمتمون ويرطنون بمصطلحات لا يفهمها المواطن اكثر من فهم زمع الكهان.

أبسط الاصنام ما نحت من الحجر، واعقدها (الايديولوجية) لاختفائها خلف الشعارات في كلمات ما انزل الله بها من سلطان. وقد يمتزج الاثنان في صورة القائد البطل الملهم فترفع له الاصنام على شكل تماثيل شاهقة يطل بها من عل بوجه مكفهر ويد ممدودة الى جماهير مطحونة تعيش كي لا تعيش، مغموسة بالذل لقمتها، ليس عندها قوت يومها، غير آمنة على نفسها، مطوقة بالقلة والقذارة والفوضى، واذا تنفست كان الجو عابقا بجزيئات (رجال الأمن).

عبد أهل الجاهلية الأوثان فأقاموا نصب اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. وظن العرب انهم نجوا من موبقة الوثنية ولكن (الصنم) عاد فبزغ من جديد بنسخ مستحدثة مطورة بدهاء عندما غربت شمس (الفكرة). وأقيمت التماثيل العملاقة للينين وستالين وماوتسي تونغ وأشباهها في عالم العروبة وفرضت ايديولوجيات بنسخ مزورة بقوة السلاح وسطوة رجال الأمن.

يخطئ من يظن ان (الصنم) مرتبط بتمثال من حجر. كما يخطئ من يعتقد ان المشركين كانوا ينكرون وجود الله. كذلك يقع في الوهم من يتصور ان معركة الانبياء التاريخية كانت (تيولوجية) تمعن في الجدل النظري وتدور في حلقات نقاش حول مكان الله. ويخطيء من يظن ان الفرعون المذكور في القرآن هو (بيبي الثاني) الذي عاش في الألف الثانية قبل الميلاد. لو كان (التمثال) صنما لما عملت الجن لنبي الله (سليمان) عليه السلام محاريب و(تماثيل) وجفان كالجواب وقدور راسيات. وكان البدوي يتحدث بكل بساطة عن وجود الخالق: (ان البعرة لتدل على البعير وان الأثر ليدل على المسير. سماء ذات ابراج، وارض ذات فجاج، وبحار ذات امواج، ألا تدل على وجود اللطيف الخبير) واختصر القرآن ذلك فقال: (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون).

كما ان معركة التوحيد التي خاضها الانبياء في التاريخ لم تكن في السماء بل في الارض. لم تكن تيولوجية غيبية جدلية لفظية تستخدم ادوات (علم الكلام) بل كانت اجتماعية سياسية تدور حول السلطة والمال والنفوذ والمرجعية. ولذلك كانت طاحنة قاسية هدد فيها الانبياء بالرجم والهجر والاخراج، ودفع البعض منهم حياتهم ثمنا لذلك، وهمت كل امة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب. كذلك يمكن لأي مجتمع ان يتحول الى فرعوني بلبس مسوحه عندما يتشقق المجتمع الى طبقات ويتحول اهله شيعاً.

انه لا يهم ان يكون الصنم من حجر او تمر او شعار أو حزب أو عائلة او طائفة او طبقة بل نظرتنا اليه. ونحن من نشحنه بالمعنى. والأهم من هذا (السدنة) الذين يقفون خلفه يوحون الى الجماهير زخرف القول غرورا انه يضر وينفع. ويضع ويرفع. ويعتقل ويطلق. ويمنح الوظائف ويمنع. ويغدق المال ويقتر في الرزق. ويستحق الرهبة. ويتوجب له التعظيم ومراسيم الزلفى ومواكب الكذب وخطابات التبجيل والتغني شعرا بأوصافه البهية. والتقدم اليه بالقرابين البشرية في الحروب عندما يأمر الزعيم الجيوش بالزحف للفتوحات.

انها مشكلة اعتقال العقل بالوهم المبين. واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظيم. ان هذا هو الذي اختلط على (عدي بن حاتم) عندما جاء وهو (مسيحي) فدخل المسجد وصليب معلق في رقبته والرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ الآية (اتخذوا احبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله). ان عدي استفظع الموضوع كيف يتحول الحبر والراهب بضربة واحدة الى رب؟ فشرحه له صلى الله عليه وسلم: (انهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم).

وعندما وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رسله الى الارض طالب بـ(كلمة السواء) ان لا يتخذ الناس بعضهم بعضا اربابا. وهي ما وصلت اليه الديموقراطية اليوم اي ان يكون للجميع نفس الحقوق والواجبات في مجتمع افقي. ورأينا الرئيس الأمريكي (كلينتون) وهو يساق الى المحكمة للتأديب امام شاشات التلفزيون يراها المليارات من البشر. أو ترامب وهو يطرد من الكابيتول ومعه أربع جثث، انها ليست رواية عن العهد الراشدي والصحابة. انها واقعة رأيناها بأعيننا. ولكننا نبصر العالم بأعين الموتى. لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها. أين الأصنام اذاً هل هي حقا في افغانستان أم سوريا ولبنان ومصر وعبدان؟

حقوق النشر محفوظة ، خالص جلبي 2025  
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram