يذكر البروفسور (دتليف لينكه Detlef Linke) في كتابه الجديد (الدماغ Das Gehirn) من جامعة (بونBonn) الباحث في قسم (الفيزياء العصبية) أنه امكن إنقاذ انسان من الانتحار بواسطة زرع (ميكروشيبس) في دماغه حرَّرته من نوبة الكآبة بزيادة جرعة (السيروتونين Serotonin) عندما انخفض مستواه في الدماغ كما نفعل بزرع منظم ضربات القلب (Pace Maker) حتى لايقع المريض تدور أعينه كالذي يغشى عليه من الموت.
كما ذكر حالة أخرى اشد إثارة عند رجل تمت معالجة الشلل عنده بزرع شريحة في النخاع الظهري والذي حدث أنها تزحلقت قليلاً لتخلق عنده حالة الانتعاظ التي فقدها منذ أمد بعيد واستعاد الوظيفة الجنسية(نفس مصدر الشبيجل ص 148)
كذلك جاءت الأنباء من جامعة (مونبلييه) في فرنسا عن نجاحهم في معالجة المحاضر الجامعي (مارك ميرجرMark Merger) الذي بقي مربوطاً الى كرسي لمدة تسع سنوات بسبب الشلل النصفي السفلي بعد حادث سيارة فقام على قدميه يمشي كمن بعث من الأموات. أما في مانهاتن في نيويورك فقد استطاع فريق الدكتور (ويليام دوبيليه William Dobelle) بنجاح من إنارة البصر مثل (الولاعة) في قحف السيد (جيري62 سنة) بواسطة زرع كابل مكون من 68 الكترودا في الدماغ مباشرة فأبصر بعد عمى مما يقترب من حافة المعجزة.
وهناك فريق بلجيكي يقترب من هذه القفزة أيضاً بمزيد من التطوير على قاعدة: يمشي العلم دوما ببطء ودوما الى الأفضل. كذلك أمكن زرع شريحة داخل الأذن الباطنة عند من فقد السمع فأمكن استرداده بعد يأس، مع ملاحظة أن الأمكانية الحالية هي في رد السمع لمن أدرك الكلام من قبل، وليس من أصيب بالصمم وهو في المهد صبيا.
ولكن العلم لايعرف المستحيل لأنه لايزيد عن أوهامنا فقط. والعلم لايعرف الحدود فيكسر كل أنواع الجغرافيا. فكما فعل الانترنيت فطاش سهم المخابرات وانسحب البساط من تحت أقدامهم فهم في حسرتهم يتـأوهون من ضياع قدرة مراقبة الناس بفتح صناديق البريد والمكاتيب المغلقة واختراق خصوصية البشر، كذلك سيكون مصير ما نسميه (التابو)، ولم يتقدم العلم إلا بكسر ماسماه الناس بالمسلمات وهي أوهام.
ومن ألمانيا تأتي المعلومات عن نجاح الدكتور (نيلز بيرباومر Niels Bierbaumer) رئيس معهد (البيولوجيا العصبية للسلوك) من جامعة (توبنجن Tuebengen) في وضع الكترودات كهربية على جماجم مرضى انعزلوا عن العالم بإصابات في جذع الدماغ وانحبسوا في عالمهم الداخلي الكئيب مايسميه الأطباء (السجن في المتلازمة أو التناذر locked in Syndrom) فاستطاع أن يدربهم بواسطة الوصل بالكمبيوتر وتحريض الخلايا العصبية المتواصل الى درجة أن اشترك بعضهم في الانترنيت بعد أن كانوا في عالم البرزخ لاحي فيرجى ولاميت فينعى.
وكان أجرا من هذا مافعله (روي بيكاي Roy Bakay) من جامعة (أيموري Emory) في أمريكا بإدخال الاسلاك الكهربية الى الدماغ مباشرة فقام أناس غابوا عن الوعي إلى الحياة من جديد بتحريض خلايا جذع الدماغ المصابة مايذكر بقصة اليعازر في الانجيل.
ويتوقع (كورتس فايل Kurzweil) في كتابه الجديد (عصر الآلات المفكرة The Age of Spiritual Machines) عن ثورة جديدة من خلال اتصال الدماغ بالكمبيوتر فيمكن استدعاء محتويات الذاكرة من الدماغ الى الكمبيوتر ونسخها، بل وتبادل المعلومات بالاتجاهين وتعميمها بنقلها الى أدمغة شتى.
أما (كيفين وارويك Kevin Warwick) فقد قفز الى الأمام أكثر فزرع شريحة كمبيوترية في ذراعه ويتهيأ لفعل مثيلها العام القادم في دماغه ومخ وزوجته كي يتخاطبوا بدون لسان. ويأمل من هذا أن نصل الى درجة تبادل الأفكار بسرعة الضوء؛ فالنطق والكتابة بطيئة للغاية وما تتطلبه هذه المقالة من وقت يمكن اختصاره فنهضمه بسرعة البرق أو هو أقرب.
والأمر الثاني هي دراسة المخططات الكهربية التي تمر في الأعصاب لحظات النشوة وتدفق العبقرية وبهجة الفرح فيمكن رسمها وحبسها على الكمبيوتر وإعادة تقليدها فنمنح الانسان سعادة شاملة لاتعرف الحدود، وبهجة غامرة مستمرة لا تعرف الانقطاع، وبهذا نقترب أكثر من مفهوم الجنة وكيف أن الصالحين لايشعرون فيها بالملل ولايبغون عنها حولا ولايمارسون اللغو إلا قيلا سلاما سلاما، في متعة روحية الى أبد الابدين.
موسوعة علوم المستقبل
ليس هناك أصعب من التكهن بالمستقبل ، أو المراهنة على ولادة أو استمرار أشياء بعينها بسبب قانون ( الصيرورة ) الذي يحكم قبضته على الوجود .
يتشكل اليوم تيار قائم بذاته في تأسيس علوم للمستقبل ( FUTUROLOGY ) وعلى الرغم من اهتزاز تصور المستقبل وعدم يقينه ؛ فإنه لم يفت في عضد الناس ، وشكل لهم متعة خاصة بدءً من عرافة دلفي في اليونان قديما أو عرافو الجاهلية ، على الشكل الذي نقلته لنا السيرة في قصة ( شق وسطيح ) فأما الأول فكان نصف انسان بذراع وساق ، وأما الثاني فلم يكن جسمه يحوي العظام هكذا تروي كتب التراث ، وانتهاءً بالمجموعات العلمية الجديدة .
علم المستقبل يحمل القدرة على التنبؤ ، ومن مزايا العلم أو مايجعلنا نسمي أمراً ما علماً خضوعه للتنبؤ والتسخير ؛ فهذان هما شرطا العلم على الأقل ، والقرآن لم يدين العقل ولم يتهم العلم ، ولكنه سحب كل الثقة من الظن والهوى ، وجمع القرآن هذا الأمران في نصف آية فقال ( إن يتبعون الا الظن وماتهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ) فكان الهدى والأيمان هذا المزيج المعطر الرائع من تعانق العلم والعقل .
علم المستقبل إذاً ليس رجماً بالغيب ؛ بل تحقيقاً للعلم ، على شرط أن يمضي في تحقيق آلياته في قناة علمية علنية مكشوفة خاضعة لسنة الله في خلقه .
لقد حاول المؤرخ النمساوي ( هانس بيدرمان HANS BIEDERMANN ) رسم تصورات من هذا النوع في كتاب خاص على شكل موسوعة مثيرة بعنون ( الفنون السحرية LEXIKON OF THE MAGIC ARTS ) حاول أن يجمع فيها الغريب والخلاب والاسطوري .