في يوم 24 فبراير من عام 2022 تم اجتياح أوكرانيا من الجيش الروسي وتفرق الناس مزعا في التفسيرات، وجاء وقت لمعان الفضائيات المضللة أو تصريحات السياسيين الكذابين، ولأن لي فلسفة خاصة في الحرب فقد عكفت على صياغة حوالي خمس وعشرين قانونا معرفيا لفهم فلسفة الحرب. والحرب الأوكرانية لاتخرج عن هذا الإطار.
القانون الأول: الحرب يشنها واحد من ثلاثة: المتخلفون أو أشباه المتخلفين أو لتأديب المتخلفين.
القانون الثاني: قد تغتصب امرأة ولكن لن تنال قلبها أو احترامها بل حقدها الدفين إلى يوم الانتقام. ومافعله بوطين في اغتصاب أوكرانيا لايخرج عن هذا القانون من عالم النفس إلى عالم السياسة.
القانون الثالث: الحرب يمكن أن تخوضها في أي وقت ولكن الخروج منها ليست في يدك ولا في كل وقت تريده. في الحرب الأهلية الأمريكية أحضر الجنرالات زوجاتهم للفرجة في ظنهم أنها مسألة ستة أيام فدامت ستة سنوات بكلفة 600 ألف قتيل. كذلك الحال مع الإمارات والسعودية وحربهم في اليمن ضد الحوثيين.
القانون الرابع: تختصر الحرب هي في ثلاث كلمات: جريمة وجنون وإفلاس أخلاقي.
القانون الخامس: لن يعطيك خصمك سلاحا تتفوق به عليه. وإن أعطاك فهو يستخدمك ضد آخرين للتجريب وأحيانا للخذلان كما في فئران التجارب. لنتذكر دبابات صدام T72 ومدى المدفعية مع دبابات ابرامز الأمريكية التي كانت أبعد مدى فاصطادت دبابات صدام مثل طيور الحجل. أو مد الأفغان بصواريخ ستينجر لصيد طائرات الروس وحرمان سوريا منها فنزلت فوق رؤوسهم كالحميم يصهر به مافي بطونهم والجلود من سبعين ألف برميل.
القانون السادس: كانت الحرب فيما سبق سعيا وراء مغنم وكسب واليوم يقول الاستراتيجيون يجب تجنبها قبل أن نعلق في أوحالها.
القانون السابع : كل من يخوض الحرب خاسر ماليا وقبلها أخلاقيا وما تجر من ويلات وآهات وآثام.
القانون الثامن: الانفلات والتزحلق من الحرب التقليدية إلى الحرب الذرية وارد في كل لحظة مع الحماقة.
القانون التاسع: الحرب العادلة تتطلب أربعة شروط حسب الجنرال البريطاني ديفيد فيشر في كتابه الحرب والأخلاق: قضية عادلة + نية حسنة + قوة مخولة + كآخر خيار. والقضية العادلة بدورها لها اربعة حقول: الإبادة الجماعية + التطهير العرقي + جرائم حرب + جرائم ضد الإنسانية.
القانون العاشر: حين تنزلق الثورات إلى التسلح فالحرب الأهلية يصبح مصيرها بيد من يملك السلاح والتمويل، وقبلها مايريده هو لا أنت والثوار.
القانون الحادي عشر: الحرب الذرية تعني نهاية الحضارة في ثلث ساعة، ولا أحد يريد الفناء؛ فأي بقعة على وجه الأرض يمكن الوصول إليها بالصواريخ المخبأة في المدافن الأرضية (SILO) تحمل الرؤوس الهيدروجينية المتعددة يكفي رأس منها لمسح عاصمة عالمية وما حوت. وحسب جورباتشوف الرئيس الروسي الأسبق أن غواصة نووية واحدة تحمل في بطنها من الطاقة النارية أكثر من كل النيران التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية.
القانون الثاني عشر: حين تتسلح الثورات يمكن شراء الثورات والثوار بدراهم معدودة وطيران درجة أولى للمؤتمرات وفنادق سبعة نجوم لتتحول الثورة إلى ثروة المنافقين والعملاء.
القانون الثالث عشر: جربت أوربا كل أنواع الحروب الدينية والقومية والعالمية لتعقل وتكف عن هذا الشر. هكذا ولد الاتحاد الأوربي بنصف مليار من الأنام، في بحيرة سلام، ولمع نجم اليور فوق الغمام.
القانون الرابع عشر: الحرب هي كل الشر؛ لأنها تعتمد إفناء الآخر ومع ذلك يخوضها البشر حتى تضع الحرب أوزارها. ومنه صدق القرآن حين قال لأدم اهبطوا بعضكم لبعض عدو. مع هذا لم يقل كلكم لكل عدو كما في فلسفة (هوبز) الفيلسوف البريطاني الذي رأى الحل في الملكية المطلقة.
القانون الخامس عشر : من أوقف نشوب الحرب العالمية الثالثة الوصول إلى سقف القوة فالكل على بوابة الجحيم خائفين خاشعين من الذل وأفئدتهم هواء.
القانون السادس عشر: لن يوقف الحرب في العالم إلا بناء الدولة العالمية وبرلمان دولي تشترك فيه كل دول الأرض عنده قدرة تنفيذ القرارات، حينها ندخل السلام الأبدي كما في تعبير الفيلسوف (ايمانويل كانط) في كتابه السلام الأبدي (Zum ewigen Frieden).
القانون السابع عشر: (قانون جوليفر) تحولت الحرب مع التكنولوجيا إلى إنسان جوليفر بمعنى العمالقة في أرض الأقزام! لنتصور أن رجلا يدب في مدينة طوله 150 مترا ووزنه 200 طن؟ هل يبقى بشرا سويا؟ وكذلك الحرب وضخامتها لم تعد حربا. كما أن المواجهة بالترس والرمح انتهت فقد يكبس جندي على زر يطلق قنبلة حرارية أقوى من هيروشيما بألف مرة؟
القانون الثامن عشر: نصيحتي للمتحمسين تذكر قول الشاعر العربي الذي وصف الحرب على الشكل التالي:
أول ماتــــــــكون الحرب فتية تســــعى بزينتها لكل جهول
حتى إذا حميت وشب ضرامها غدت عجوزا غير ذات خليل
شمطاء جزت شعرها وتنكرت مكروهة للشــــــــم والتقبيل
في الحرب يخسر الإنسان فرديته وحريته واستقلاله وقراره ليتحول إلى قطعة لحم في مجموعة تقتل على الأوامر. والمشكلة هي في ورطة البشر في بناء الدولة المركزية، حيث يتحكم في القرار حلقة ضيقة من القادة ومساعديهم، وهي ورطة وقع في شباكها الجنس البشري منذ ستة آلاف سنة.
لايعرف فظاعات الحرب وأهوالها إلا من ذاقها وتبقى للآخرين في الورق والفيديو والصور الميتة مع الموتى فلا تسمع لهم ركزا.
في جبهة السوم في الحرب العالمية الأولى خسر 1265000 جندي حياتهم من البريطانيين والفرنسيين والألمان موعظة للغافلين وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
في حرب الثلاثين سنة في أوربا (1618 ـ 1648) قتل على الأرض الألمانية سبعة ملايين من الناس وعدد السكان 21 مليون ودمر ثمانين ألف قرية ومدينة وأكل الناس الجرذان ولحوم المشنوقين.
في معركة كربلاء 5 قتل 65000 شاب عراقي وإيراني وفي حملة الإنفال من أوصل رقم من قتل من الأكراد إلى 180000 ألف ضحية هذا غير المفقودين والمعطوبين والمشلولين.
ثمة خطة عند أمريكا لمسح 12500 موقع ومدينة في روسيا إذا وقت الواقعة.
في الحرب الكورية طلب الجنرال مك آرثر من الرئيس ترومان 17 قنبلة ذرية لمسح الكوريين والصين فطلب منه الاستقالة.
في قصة ولدي آدم من قتل خسر وأصبح من النادمين، وكذلك سيكون مصير أبو البوطين بعد أن يجر أذيال الخيبة من الوحل الأوكراني، وقد يأتي من انقراض أجله تحرير السوريين المظلومين بعد انقضاء أجل الطاغية أبو البوطين.