-

سلسلة الأحاديث الحيوية ـ الجزء الخامس 

(15) حديث الفسيلة

إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فليغرسها (صحيح) هل يعقل أن يقوم الإنسان بغرس فسيلة أي نبتة ضعيفة كي تصبح شجرة قوية تحتاج إلى سنوات من الكدح والعناية والسقي ومدها بالأسمدة وحمايتها من الحشرات والأمراض؟ هل يقوم بهذا عاقل؟ الجواب إن الحديث يقلب المفاهيم ويقول هذا الأمر الذي لايقدم عليه عاقل هو من وظيفة الإنسان المسلم فإذا قامت الساعة وانتهى الزمان وحشر الناس فهم يوزعون وبيد المسلم فسيلة ضعيفة فليغرسها! السؤال كيف نفهم هذا اللامعقول وإدخاله إلى المعقول؟ الجواب أن أجراس قيام الساعة قد لاتكون حقيقة بل خيالا. نرى ذلك في بعض الآيات مثل فيم أنت من ذكراها؟ إذن مسؤولية قيام الساعة ليست بيدنا ولا عندنا، ولكن مابيدنا هذه الفسيلة فلنغرسها. هي توجيه الانتباه إلى وظيفة الإنسان في الأرض أن يزرع والباقي سيأتي مع الزمن. نحن هنا أمام مبدأ الفعالية وليس الاستسلام أو الخوف أو الرضوخ أو الانتظار.  

(16)  حديث القصعة

ويقصد بها المائدة العامرة وقد اجتمع عليها الضيوف يتمتعون بالطعام فمن هم؟ ومانوع الطعام؟ سؤال هام من علم التغذية وكيف تنتهي الأمة حينما يتكالب عليها الأعداء فتتحول إلى مأدبة طعام يتقاسمها الطالبون، وهذا ينفد على القانون الذي وضعه ابن خلدون عن زوال الدول وأن عمر الدولة في المتوسط ثلاث أجيال فإذا انقضى الوقت ولم تنهار فلفقد الطالب، وهي نفس الفكرة التي تقدم بها (أوسفالد شبنجلر Oswald Spengler) المؤرخ والفيلسوف الألماني في كتابه تدهور الغرب (Der Untergang des Abendlandes) عن وضع روما يدها على مقدرات شعوب الشرق الأوسط بفرق رديئة التسليح والقيادة وأن السبب يعود في هذا إلى ما سماه (فقد قدرة تقرير المصير) باللغة الألمانية (Selbstbestimmung). يخبرنا الحديث بتحول خطير يطال الأمم، ونحن لانشكل خرقا للقانون فسوف ينطبق علينا ماجرى للأمم. ويوجد حديث آخر يدعم هذا الحديث. ولكن دعنا في الأول نذكر حديث القصعة. وهي مائدة الطعام. يقول الحديث وكأن الزمن اقترب حين يتحول المسلمون إلى مائدة عامرة يدعو لها الضيوف ليتناولوا الطعام ساخنا. وماهو الطعام الساخن اللذيذ؟ نحن!

حديث القصعة :

عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل : أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال : "بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن" فقال قائل : يارسول الله وما الوهن؟ قال : "حب الدنيا وكراهية الموت"  (سنن أبو داوود وصححه الألباني) نلاحظ هنا أن سر التحول في الأمة هو نفسي حين يقول حين تموت الأمة فلا يهابها الأخرون بل يجدونها فرصة يقضمونها كما في أطايب الطعام. حدث هذا مع الفتوحات الاستعمارية وانهيار الأمة. وهذا التحول ليس فينا فقط بل هو قانون الانتروبيا في كل الوجود فيتشقق البناء وتنهار البنايات وينحدر الجسم إلى الشيخوخة والكائنات إلى الموت والدول إلى الانقراض والحضارات إلى نهاية. ومنه جاء في كتاب فيزياء المستحيل لمشيوكاكو أن هذا القدر لاينجو منه أحد وأن ثمة عشر مستويات في الوجود يمكن أن نخترقها ونكسر الاستحالة فيها وليست استحالة إلا أمران: آلات دائمة العمل والاستبصار رؤية المستقبل. الملفت للنظر في الحديث أنها رؤية مستقبلية عامة لأنها تخضع لقانون مشترك. ولذا جاء الحديث الداعم لهذا التوجه أنه لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخل أحدهم جحر ضب لدخلتموه قالوا آليهود والنصارى؟ قال فمن؟ أي أننا سينطبق علينا ما انطبق على أهل الكتاب في التاريخ. فهذه الدورة التاريخية أثارت انتباهي ووضعت لها مقالة تفصيلية أضعها في نهاية البحث.       (17) حديث الرحمة فيمن قتل 99 نفسا وكيف أن مجرما أراد التوبة فتوجه إلى راهب جاهل فقتل الراهب فاكتمل نصاب القتلى بمائة نفس حتى وصل إلى راهب واعي دله على تغيير البيئة فمات في الطريق فأخذته ملائكة الرحمة مع كل جرائمه. في الواقع ثمة نصوص تفيض بالرحمة يكفينا الاية من سورة الأنعام : كتب ربكم على نفسه الرحمة وهذا يعني أن هذه الرحمة هي التي ستعمنا في النهاية ومنه كان رسول الرحمة ص يقول لن يدخل الجنة أحد بعمله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته. معنى هذه الكلام أننا نستعد بالعمل الصالح كي نكون مهيئين لنيل الرحمة من رب رحمان رحيم ومنه نفهم تكرار مفهوم الرحمة في مطلع كل سورة. ومنه اعتمدت المسيحية كلمة المحبة. ومن الحديث نفهم أثر الوسط في الجريمة مما دفع دول الاتحاد الأوربي إلى إلغاء حكم الإعدام على أساس أنها نتاج سوء المجتمعات. والآن اليكم الحديث: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فَدُلَّ على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله فكمَّل به مئة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فَدُلَّ على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومَنْ يَحُولُ بينه وبين التوبة؟ انْطَلِقْ إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله -تعالى- فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نَصَفَ الطريقَ أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا، مُقْبِلا بقلبه إلى الله -تعالى-، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم -أي حكمًا- فقال: قِيسُوا ما بين الأرضين فإلى أَيَّتِهِمَا كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة». وفي رواية في الصحيح: «فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل من أهلها». وفي رواية في الصحيح: «فأوحى الله -تعالى- إلى هذه أن تَبَاعَدِي، وإلى هذه أن تَقَرَّبِي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغُفِرَ له». وفي رواية: «فَنَأَى بصدره نحوها».
اقرأ المزيد
الأحاديث الحيوية ـ الجزء الرابع  

(13) حديث الفتن وتناوب الشر والخير في سلسلة تاريخية

جاء في حديث حذيفة الموجود في الجزء الثاني من التجريد الصريح لأحاديث البخاري في الصفحة 56 حديثا رائعا، في وصف أغرب من الخيال عن تعاقب الخير والشر؟ وهو حديث ذهبي في قمة الصحة، وهذا الحديث هو واحد من مائة حديث كما نرى أحاول جمعها وشرحها وطبعها في كتاب مستقل بعنوان (الأحاديث الحيوية) وسوف أحاول في كل مرة أن آتي بحديث جميل في موضوع لطيف، نبتعد فيه عن اللاهوت وننزل إلى الناسوت في نوع من المطابقة بين الحديث وعلم الاجتماع وعلم النفس والتاريخ وعلم البيولوجيا والصحة والطب. وفي هذه الأيام ونحن نسمع بحزن فتن شتى في أكثر من قطر يجعلنا نقف مع هذا الحديث العجيب متأملين مسبحين داعين الله أن لانكون ممن يفتنون؛ فقد جاء في حديث حذيفة أن الناس كانوا يسالون رسول الله ص عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني؟ فقلت يارسول الله لقد كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم؟ قلت فهل بعد هذا الشر من خير؟ قال : نعم وفيه دخن؟ قلت يارسول الله ومادخنه؟ قال قوم يهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر؟ قلت فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليه قذفوها فيها؟ قلت يارسول الله فصفهم لنا؟ قال هم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا! قلت فما تامرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم! قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو ان تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك!!  

(14) اللقاء السياسي المثير بين هرقل وأبو سفيان

  حديث البخاري عن الأسئلة التي وجهها هرقل لمجموعة أبي سفيان، وبتأمل المناقشة نرى هرقل سياسيا حصيفا يطرح عشرة أسئلة كان أبو سفيان يتمنى ـ كما ورد في الحديث ـ أن يغير فيها فيكذب لولا قومه الذين أمر هرقل بوضعهم في ظهره، وقال إن كذب فكذبوه! جاء في الأسئلة هل كان في نسبه ملوكا؟ من يتبعه؟ هل يرتد أحد سخطة لدينه بعد إيمان؟ هل عهدتم عليه كذبا؟ هل يغدر؟ وهو كما نرى حديث في السياسة. وفي مراجعة صحيح البخاري نكتشف كنوزا من التراث، وأنا شخصيا اعتمدت كتابا قويا في الأحاديث حتى اسكبها في مشروعي المسمى الأحاديث الحيوية لربطها بالعصر ودلالتها الحيوية وحاولت في مساجد درست فيها أو خطبت فيها أن أورد جملة من الأحاديث الحيوية بعضها قد يكون ضعيفا ولكنني وضعت فلسفة في فهم الحديث خلاصتها قوته الموضوعية أهم من السند، فقد يكون ثمة حديث قوي السند ولكن فيه من الخلل مايجب التريث في أخذه، من نموذج يقطع الصلاة ثلاث المرأة والحمار والكلب الأسود! وهو حديث صحيح من ناحية السند ولكنه يعرج من ناحية الفهم! وزيادة في التمييز والعنصرية يسأله الصحابي ولماذا كان الكلب الأسود؟ ليأتيه الجواب إنه شيطان، وهكذا أصبح مكان المرأة بين الحمير والكلاب والشياطين. ومن خلال تعمقي واطلاعي عثرت في باب التهجد في نفس صحيح البخاري حديث عائشة ر حين تخاطب أبو هريرة بقولها ويلك وضعتنا بين الحمير والكلاب؛ وهكذا فعلينا وضع منهج لتقبل الأحاديث أهمها عدم تعارضه مع القرآن كما في حديث قتل المرتد من بدل دينه فاقتلوه وقد وضعت أنا شخصيا مقالة تتصور أن فريقا ذهب إلى اليابان من أجل نشر الإسلام والنتيجة المؤسفة (الخايبة) التي خرجوا بها، حين عجزوا عن وضع حرية الرأي الموجودة في القرآن مقابل أحاديث مشبوهة من هذا النوع؛ لذلك رأيت أن قوة الحديث تأتي من قوته الموضوعية أكثر من السند، وبالمناسبة فإن علماءنا قديما انتهبوا لهذا فقالوا أن الحديث يجب أن يبنى على قاعدتين من الرواية والدراية وهو ما أشرت إليه بكلماتي الجديدة. بكل أسف علم الحديث رواية تضخم ولكن علم الدراية لم ينمو بل لم يظهر. مما دعا مثل ابن خلدون القديم أن يشير إلى قاعدة سداسية في تقبل الآراء، ويمكن مراجعة مقدمة ابن خلدون في هذا الصدد. حين أشار إلى تورط كثير من أئمة النقل والتفسير إلى عدم الانتباه إلى هذه القواعد الذهبية؛ ذلك أن الإخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم أصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني ولا قيس الغائب بالشاهد والذاهب بالحاضر فلا يأمن فيها الإنسان من العثور ومزلة القدم والحيد عن جادة الصدق. وفي الحديث الذي بين أيدينا عن مقابلة خطيرة تمت بين أبي سفيان وهرقل نلاحظ الجدل السياسي بين رجلين من الزعامات وأسئلة في غاية الدقة أضعها بين يدي القاريء ولعلي أن أضع لها حلقة في قناتي رحلتي في عالم الطب والفكر. المهم ليقرأها القاريء الآن على هذه النية، وفي حديث آخر عن قتل المرتد سوف أورد مقالتي حول المؤتمر الذي حدث في اليابان (وهو تخيلي) لحل إشكالية خطيرة حول حرية الرأي خروجا ودخولا وهو استعصاء احتارت فيه الحكومات بل حتى القمم الإسلامية، كما حصل مع من قتل فرج فودة في مصر على يد خوارج جدد؛ فكان تعليق الغزالي المشهور المصري على الواقعة وعمل الشباب الطائش إنه افتئات على حق الدولة وكأننا نفهم منه أن من حق الدولة أن تقتله لأنه ارتد؟ وهو خطأ كبير منه على شهرة الرجل الواسعة، وهذا ليس عيبا فيه بل فينا إن لم نخطئه. الآن إلى الحديث ثم مقالتي عن قتل المرتد. طرح هرقل عشرة أسئلة على أبي سفيان ثم قام بتحليلها ويمكن مراجعة كامل الحديث في كتاب الشنقيطي زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم وهو كتاب جدير بالاقتناء وضع مرقما ومشروحا بشكل مبسط.
اقرأ المزيد
سلسلة الاحاديث الحيوية ـ الجزء الثالث  الحديث رقم 11 و 12  

(11) فلا يلومن إلا نفسه

في مواجهة الأخطاء أو الكزارث يجب تأسيس فلسفة المسؤولية أن يعود الإنسان نفسه أن لايلوم أحدا، مع كامل الاعتقاد أن الآخر قد يكون مشتركا في المصيبة ولكن على المرء التعود أن يحفر في الأرض الصحيحة في حديث ظلم النفس الذي رواه أبو مسلم الخولاني عن ظلم النفس أيضا في عشر فقرات وكأنها اللحن الكوني؛ ياعبادي كلكم عار إلا من كسوته .. ياعبادي.. وهكذا وفي النهاية إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه؟؟ ومن الغريب أن الغالبية من المسلمين عندها استعداد أن تلوم أي جهة دون مراجعة نفسها مرة واحدة. كان الخولاني إذا تلا الحديث جثا على ركبتيه. وهذا يعني أن علينا تجنيد هذه الأحاديث من أجل تصحيح المفاهيم، فليس مثل القرآن والحديث هاديا.

(12) أسرار العشرة الزوجية

رواية عائشة ر عن اجتماع نسوي مثير يضم 11 امرأة روين الحياة السرية لأزواجهن. وهذا يعطي فكرة عن العشرة الزوجية ومسؤوليتها. حديث أم زرع يعتبر هذا الحديث من ينابيع الأدب وتأريخ لحقبة كما يقوم بتشريح خاص لأحاديث النساء الداخلية الخصوصية ورأي كل امرأة في زوجها كما يروى أوضاع البيوت ونوعيات الأزواج وأنا شخصيا استمتعت جدا به حينما حفظته واعتبره مع مجموعة أحاديث أخرى من ينابيع الفكر الجميلة. وسوف أحاول فك معنى الكلمات الصعبة التي جاءت كما وردت في كتاب (زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم ) للشنقيطي . تروي السيدة عائشة (ر) قصة 11 امرأة روت كل واحدة وضعها مع زوجها فقالت: (جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً) ويبدو أن هناك علاقة حميمة بين تلك الزوجات (قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث (مهزول) على رأس جبل لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقى) ويظهر الذم فيه فلا فائدة منه  ولم تكن الأولى التي ذمت فقد أكملت الثانية ففضلت أن لا تنشر فضائحه (قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره إني أخاف أن لا أذره إن أذكره أذكر عجره وبجره(أي عيوبه). أما الثالثة فيبدو أنها تتحمل على مضض زوج لا يحتمل (قالت الثالثة: زوجي العشنق (أي الطويل المذموم سيء الخلق) إن أنطق أطلق وإن اسكت أعلق؟) ولكن حظ الجميع ليس كذلك حيث يبدو على الرابعة أن عندها زوج عجيب لا تمل صحبته (قالت الرابعة: زوجي كليل تهامة لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة) وأنا أعرف تهامة من جنوب المملكة وهي عند الساحل تماما كما ذكرتها المرأة ولكن ليس في الصيف وفعلاً فإن النوم على شاطيء البحر هناك فيه متعة وارتخاء وهدوء لا يعرفه إلا من ذاقه ويبدو أن المرأة كانت محظوظة بهذا الرجل. ولكن الخامسة عندها زوج من نوع بين بين (قالت الخامسة: زوجي إن دخل فهد وإن خرج أسد ولا يسأل عما عهد) والرجل الذي لا يسأل المرأة كثيرا في أمور المنزل يبقى مريحاً نسبياً. إنها مع رجل ملتفت لأعماله وتجاراته وقد ترك لها حرية التصرف في البيت وهو لا بأس به. أما السادسة فعندها زوج يحمل من الصفات غير المشجعة سواء في صوت الفم أو الالتفات إلى زوجته ليضمها أحياناً ونحن هنا نرى شيئا من الصراحة التي لا نتجرأ في الخوض فيها حسب ثقافتنا الإسلامية ولكن عائشة (ر) تنقل لنا هذه الصور بأمانة ( قالت السادسة: زوجي إن أكل لف وإن شرب اشتف وإن اضطجع التف ولا يولج الكف ليعلم البث). أما السابعة فقد حظيت بزوج هو كارثة فهو عيي النطق ومزعج ويستخدم يديه في الضرب فيكسر الرأس أو الفك (قالت السابعة: زوجي غياياء (الخيبة) عياياء (ربما عاجز جنسيا) طباقاء (أحمق) كل داء له داء شجك أو فكك أو جمع كلاً لك) يبدو أن هذا الزوج كان شرسا جدا وفاشل جنسيا. أما الثامنة فقد وصفته على نحو معكوس فهو طيب الرائحة ناعم الملمس (قالت الثامنة: زوجي المس مس أرنب والريح ريح زرنب) أما التاسعة فقد وصفت زوجها بالمركز الاجتماعي المرموق والكرم (قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد (عمود الخيمة) طويل النجاد (السيف) عظيم الرماد (من كثرة الضيافة) قريب البيت من الناد). كذلك وصفت العاشرة زوجها بالكرم (قالت العاشرة: زوجي مالك وما مالك؟ مالك خير من ذلك له إبل كثيرات المبارك قليلات المسارح وإذا سمعن المزهر (ربما الدف أو عود الغناء فرحا بالضيوف) أيقن أنهن هوالك) وفي النهاية يأتي وصف الحادية عشر لزوجها وهو بيت القصيد حيث تصف أم زرع زوجها على هذه الشاكلة في وصف مطول ( أناس من حلي أذني وملأ من شحم عضدي .. عنده أقول فلا أقبح وأرقد فأتصبح وأشرب فأتفنح .. أم أبي زرع عكومها رداح وبيتها فساح .. بنت أبي زرع طوع أبيها وطوع أمها وملء كسائها وغيظ جارتها). وكانت عائشة ر تقول أن الرسول ص كان يقول لها كنت لك كأبي زرع لأم زرع. ويبدو أن صفات الرجل الكريم الحليم المثالي كان الناس يتناقلونها يومها في هذه القصة وكان حظ عائشة هو هذا الرجل عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.  
اقرأ المزيد
مشروع الأحاديث الحيوية الجزء الأول
هذا المشروع حلم عندي منذ أن اشتغلت على كتاب (زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم) حيث حفظت منه مئات الأحاديث، كذلك حينما عملت على صحيح البخاري. أما علم الحديث فقد استفدت من الشيخ (عبد الرزاق الحلبي) إمام جامع القطط فأخذت هذه العلم أيضا على يديه رحمه الله رحمة واسعة.   يشابه كتابي هذا ما كتبه النووي القديم في الأربعين حديثا، وقد اشتغلنا عليه عندما كنا شبابا وحفظنا ما جاء فيه من أحاديث، والنووي بالمناسبة جاء اسمه من قرية )نوى( من منطقة حوران السورية، وحين أتذكر الأحاديث التي جاءت في كتاب النووي يقفز إلى الذاكرة عندي حديث النية، وأن لكل امريء ما نوى، وبنى الفقهاء على هذا الحديث أشياء كثيرة. والمهم فقد مضت سنة الأولين، وجهده مشكور، ولكن لابد من وضع مشروع موازي يشبهه من جهة ويختلف عنه من وجوه، ونحن نعيش عالم الديجتال. وأذكر أنني كتبت في هذا الموضوع فجاءني تعليق حاد جدا، ولكنني تذوقته مع حرارته مثل التوابل في الطعام، وهذه قوة غير عادية في الناقد، أن يجعل الانتقاد مادة ممتعة للكاتب فيرحب بهذا النقد، قال الغامدي إنه مشروع الأحاديث الجلبية، وأنا أقول ربما ولكنه يبقى مشروعا حيويا، وحتى لانطيل على القاريء أقول إن هناك العديد من الأحاديث الرائعة في التأسيس المعرفي، ذهلتني أثناء مشروعي في الاطلاع على الأحاديث، وقعدت يومها على كتب الأحاديث الأساسية من البخاري ومسلم، ثم أتيت بكتاب الشنقيطي بخمس مجلدات فعكفت عليه، وهو مكتوب بطريقة لطيفة على حروف الهجاء، قد أخذ كل حديث رقما متسلسلا، وكنت أحيانا أجتمع بأحاديث بلغ من جمالها أنها لم تتركني بدون أن أحفظها كما حفظت القرآن في مشروعي السابق الذي أخذ مني ثماني حجج. لقد قام مشروع ابو شقة على نفس النسق في محاولة إعادة النظر لموضوع المرأة جملة وتفصيلا وقام باستعراض آلاف الأحاديث من الصحاح التسعة في مشروع موسوعي أخذ منه جهد عشرين عاما ليضع في النهاية كتابه تحرير المرأة في عصر الرسالة في ستة مجلدات. سوف أحاول في مقدمة الكتاب ذكر الحديث وأهميته الحيوية في حياتنا على أمل التوسع في كل حديث.

الأحاديث السبعون

 

(1) حديث علاقة الأخلاق بالغذاء

  (أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدة وألين قلوباً، الإيمان يمان والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم) (رواه البخاري ومسلم وغيرهما بألفاظ متقاربة) يمكن قراءة هذا الموضوع في مقدمة ابن خلدون عن تأثير الغذاء والهواء في أخلاق البشر. نلاحظ هنا ثمة انعكاس معين من غذاء معين على تشكيل الأخلاق؟ بالطبع هذا يشكل بوابة مهمة لكشف العلاقة بين الغذاء والأخلاق. بنفس الوقت يلقي الضوء على تحريم أكل لحم الخنزير أو الدم المسفوح. وانتبه ابن خلدون في مقدمته إلى هذه العلاقة.  

(2) حديث الحجر الصحي في الأوبئة

  (إذا سمعتم الطاعونَ بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها) (صحيح متفق عليه) هذا الحديث فهمناه على شكل عملي حينما ضربت الأرض جائحة كورونا التي أخذت اسم كوفيد 19. وهي تشابه ماوقع للبشر عام 1918 واتفق الناس على أن أفضل مكافحة لها هو التباعد الاجتماعي وإلا مات الناس كالذباب وهو ماوقع في جائحة عام 1918م.  

(3) الاجتهاد أم التقليد

  إذا حَكَمَ الحاكِمُ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أصابَ فَلَهُ أجْرانِ، وإذا حَكَمَ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أخْطَأَ فَلَهُ أجْرٌ (بخاري) هذا الحديث بوابة رائعة للعمل العقلي فهناك أجر لمن يعمل عقله حتى لو أخطأ. فمع الخطأ اجر واحد ومع الصواب الأجر مضاعف. وهذا يحمل ضمنا أن من أصاب بدون اجتهاد فلا أجر له. كله من أجل تنشيط العقل الكسيح لاكتشاف مصادر الصحة من الخطأ. وبالطبع فهناك حديث خطير للقضاة أنهم ثلاثة اثنان في النار لمن جهل فحكم،  ولمن عرف فحكم ظلما، والثالث من عرف فحكم عدلا فهو في منجاة.

(4) مفهوم توقف الزمن مع التحول إلى كائنات نورانية

  (أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون، ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة -عود الطيب- أزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدام، ستون ذراعًا في السماء (متفق عليه) نحن نعرف من النسبية أننا إذا اكتسبنا سرعة الضوء يتوقف الزمن فندخل الخلود. كذلك من أية سورة آل عمران عن جنة عرضها السموات والأرض. هنا تدخل النسبية العامة على الخط فمن وقف على كتلة لانهائية يتوقف الزمن من جديد فوقها.  

(5) مبدأ الاشتراكية في الأزمات

  (إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني، وأنا منهم (متفق عليه) في هذا الحديث تظهر روح المشاركة على نحو اشتراكي بل إن رسول الرحمة يقول أنا منهم وهم مني.
اقرأ المزيد
يأتي النبي وليس معه أحد
الحديث التاسع من سلسلة الأحاديث الحيوية كان هدفي من هذه الأحاديث أو تأسيس قناة لي بعنوان (رحلتي في عالم الطب والفكر) هو أن أدخل القبر وقد فرغت مافي رأسي. بالمناسبة اطلعت على كتاب لكاتب فرنسي بهذا المعنى، أرسله لي صديقي المغربي (عبد الرحيم طوط) من مدينة الجديدة واسميه رجل الحضارة لفعاليته ونشاطه وتنظيمه ونظافته وسعيه. سألته عن اسم العائلة؟ قال طوط تعجبت؟ قال والدي كان يقاتل مع الفرنسيين فوقع أسيرا في يد الألمان وحين تمكن من الفرار تحت زخات الرصاص أخذ اسمه! قلت له كلمة طوط بالألمانية معناها ميت (Tot) فلربما اعتبروه يومها في عداد الأموات ومنها أخذ اسمه. وحين أمر أحيانا على أوقيانوس اليوتيوب أتذكر حديث (الجمعة لمن سبق) فمن ركب عباب هذا البحر مبكرا قبل سنوات لربما حاز على جماهير هائلة تعد بالملايين. قالت لي زوجتي الأمر أكثر من ذلك هناك دفوعات مالية لمن حقق أرقاما معينة؛ فهناك إذن مايسيل لعاب من يعمل في هذا (اليانصيب = toto loto). وأحيانا أرى أرقاما مذهلة مثلأ لشيخ يتحدث عن لعق الأعضاء التناسلية فيحقق عدد من المشاهدين مليون ومائة ألف. وثمة سياسي كذاب من نموذج أبو طلالة تنبأ بحرب بين أمريكا والصين مع نهاية عام 2020 م ولم يحدث شيء بالطبع، ولكن جمهور المشاهدين كان يحملق وهو يسمع التخريفات، بل إن صديقا لي أبو فراس المطوع من السعودية أرسل لي عن هذا الرجل وأخر من دجالي الهند اسمه عمران لسن متقن للسان ريتشارد قلب الأسد، يتوقع نهاية العالم، والناس تحملق مفتوحة الفم يجد الذباب طريقا للدخول اليه من شدة الاتساع! أو فيديو أرسله لي أخ فاضل من البحرين لفتاة تتعرى وتتبول مثل خنزير بري وقد استهوى الملايين من التافهين مؤشرا لحضارة ودعت الحياء والإنسانية معا. وما يأتيني من هذه القمامات أكثر من رمال صحراء تندوف والربع الخالي. المهم في القرآن ثمة آية في آخر سورة المائدة تقول (لايستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث) (المائدة الآية 100) وهذا يفيد أن الطبيعة لاتعتمد على الوفرة فقط؛ فالعناصر النادرة مثل اليورانيوم  قليل نادر ولكن تصنع منه القنابل الذرية أو توليد طاقة تكفي مدينة بقبضة من ترابها. وجهنم تقول هل من مزيد. وفي الإنجيل ما ارحب الطريق الذي يقود إلى الهلاك وكثيرون الذين يسلكونه. لذا فإن الحديث الذي نسوقه عن منظر يفلج وهو حضور نبي إلى مشهد يوم القيامة ولا مرافقين له من قومه فكان غريبا بينهم. بالمقابل علينا أن ننتبه جدا لهذا القانون فهو يصدق لأن البذرة لم تجد أرضها المناسبة، ولكن الكثير من الأفكار الضالة تجد طريقها وتنتشر. مثل البعثية العبثية أو زحوف ملالي طهران باللطم والشتيمة للصحابة أو النازية والفاشية والشيوعية الصفراء. هنا ينطبق قانون هام هو أن الزبد يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض. أو القانون الموجود في سورة إبراهيم عن مثل الكلمة الطيبة والخبيثة، وأن الثانية تصبح أيضا شجرة كبيرة، ولكن نهايتها أن يخسف بها فلا تدوم، لوجود عناصر الموت داخلها، كما في  النظام البعثي العبثي في سوريا والعراق الذي أصبح في مزبة التاريخ أو الشيوعية الصرفاء مع ربها لينين ونبيها ستالين وحوارييها خرا تشوف، أما الكلمة الطيبة فتبقى مثمرة إلى أبعد الآجال. وهكذا يجب فهم قانون الحديث عن قانون الكثرة والقلة. عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ومعهُ الرُّهَيْطُ، والنبيَّ ومعهُ الرَّجُلُ والرَّجُلانِ، والنبيَّ ليسَ معهُ أحَدٌ، إذْ رُفِعَ لي سَوادٌ عَظِيمٌ، فَظَنَنْتُ أنَّهُمْ أُمَّتِي، فقِيلَ لِي: هذا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وقَوْمُهُ، ولَكِنِ انْظُرْ إلى الأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فإذا سَوادٌ عَظِيمٌ، فقِيلَ لِي: انْظُرْ إلى الأُفُقِ الآخَرِ، فإذا سَوادٌ عَظِيمٌ، فقِيلَ لِي: هذِه أُمَّتُكَ ومعهُمْ سَبْعُونَ ألْفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بغيرِ حِسابٍ ولا عَذابٍ. ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَخاضَ النَّاسُ في أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بغيرِ حِسابٍ ولا عَذابٍ، فقالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وقالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا في الإسْلامِ ولَمْ يُشْرِكُوا باللَّهِ، وذَكَرُوا أشْياءَ فَخَرَجَ عليهم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: ما الذي تَخُوضُونَ فِيهِ؟ فأخْبَرُوهُ، فقالَ: هُمُ الَّذِينَ لا يَرْقُونَ، ولا يَسْتَرْقُونَ، ولا يَتَطَيَّرُونَ، وعلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، فَقامَ عُكّاشَةُ بنُ مِحْصَنٍ، فقالَ: ادْعُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، فقالَ: أنْتَ منهمْ؟ ثُمَّ قامَ رَجُلٌ آخَرُ، فقالَ: ادْعُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، فقالَ: سَبَقَكَ بها عُكّاشَةُ.
اقرأ المزيد
باب هلاك الأمم
(8) الحديث الثامن من سلسلة الأحاديث الحيوية يصف القرآن المجتمع الفرعوني أنه طبقات . ثمة طبقة تستبيح أخرى. إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم. وحين لايبق مجتمع مواطنة فهو مؤشر إلى سير المجتمع في ليل التاريخ. وحين بدأ رسول الرحمة ص في بناء مجتمع جديد انضم إليه صهيب الرومي وسلمان الفارسي وبلال الحبشي بلون جلود تتراوح من أشد البياض إلى أشدها سوادا. كانت دعوة أممية ولم تكن جاهلية ولا قبلية ولا عائلية. وأول شيء فعله رسول الرحمة ص في المدينة ثلاثا. بناء قلب المجتمع المسجد. ونهاية القبلية فلم يبق أوس وخزرج وقرشي بل أخوة مهاجرون وأنصار. ثم بناء مجتمع المواطنة بالمواثيق مع اليهود بثلاث مجموعات بنو النضير وبنو قينقاع وبنو قريظة. وبذلك انتهينا من بني أمية ومن التشيع ومن الدم. إلا أن هذا لم يدم وسجل لنا التاريخ فشل التجربة بسرعة. فولدت بيزنطة بمعطف قبلي وفارس بعباء حسينية والدمويون داعش القديمة. وعند حافة معركة صفين نسمع قول عقيل أخو علي يقول إن صلاتي خلف علي أقوم لديني وإن معاشي مع معاوية أقوم لحياتي. وبذا ينشطر الضمير وما زال. ويبقى السؤال لماذا. الحديث الذي بين يدينا يفتح عيوننا على بوابة الجحيم: إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. ثم يقسم رسول الرحمة أنهم سينفذ القانون ولو على ابنته. حاليا نلاحظ هذا نحن من يعيش في كندا. أنا متيقن لو أن جاستن ترودو خالف إشارات المرور فسوف يلحقه (تيكت) غرامة المخالفة فالقانون يسود. أما في الشرق المنكوب فمن يحكم هي علاقات مريضة ولذا فهي تدفع ثمن المخالفة. إنَّ قُرَيشًا أَهَمَّهُمْ شَأنُ المرأَةِ المَخزوميَّةِ التي سَرَقَتْ، فقالوا: مَنْ يُكلّمُ فيها رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالوا: ومَنْ يَجترئُ عليه إلا أُسامَةُ بن زَيدٍ، حِبُّ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فَكلَّمَهُ أُسَامَةُ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: أتَشفَعُ في حدٍّ مِنْ حُدودِ الله؟ ثم قال: إنَّما أَهلك الذين قبلكم: أنَّهمْ كانوا إذا سَرقَ فيهم الشَّريفُ تَرَكُوه، وإذا سَرَقَ فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ. وَأيْمُ الله لَوْ أنَّ فاطمةَ بنْتَ محمدٍ سَرَقَت لقطعتُ يَدَهَا
اقرأ المزيد
حقوق النشر محفوظة ، خالص جلبي 2024  
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram