أن المريض عندما تبدأ الحرارة عنده في الارتفاع لايسقط طريح الفراش ، لإنه يكون عندها في مرحلة ( المعاوضة - COMPENSATION ) وليس في المرحلة ( السريرية - CLINICA ) أي لايحتاج لإدخال المستشفى للعلاج في السرير ، وهذا الذي حدث مع العالم الإسلامي وبالتدريج ، الذي أصيب ( التجرثم الدموي - SEPTICEMIA ) مع معركة صفين ، ليبدأ بالنوافض ( SEIZURES ) المجنونة مع الخوارج ، والنزف ( BLEEDING ) العباسي ، والحرارة ( FEVER ) الأندلسية ، والغيبوبة ( COMA ) المملوكية ، والدخول في الصدمة SHOCK) ) والانهيار البونابرتي ، وأخيراً ( السرير ) الاستعماري مع نهاية القرن التاسع عشر ، ثم ( التشريح ) في قاعة العمليات ، حيث جرت عمليات البوسنة ( استئصال الأعضاء ) أو زرع الأعضاء ( زراعة إسرائيل ) ، ولا أدري هل انتهت العمليات ونقلنا إلى العناية المشددة _ اللهم إذا أُكرمنا بعناية مشددة ونحن الأيتام في مأدبة اللئام _ أم إلى ثلاجات الموتى ، لانستطيع أن نقول شيئاً ، لإننا لانعرف ماذا يجرى لنا ، ولانعرف ماذا يفعله سحرة الأمم المتحدة وقوى الاستكبار العالمية ، ولانملك العقل الخلدوني التحليلي .
إذا كان هذا التحليل الخطير صادقاً ، فإن العالم الإسلامي انحدر في الواقع إلى مادون السلبي في المخطط البياني ، أي تحت خط الصفر ، كما نرى ذلك في مخطط القلب الكهربي ، حيث ينحدر الخط إلى ماتحت الخط الأفقي ، الذي هو خط الصفر .
إن المؤرخ الأمريكي باول كينيدي في كتابيه ( صعود وسقوط القوى العظمى ) و ( التحضير للقرن الواحد والعشرين ) يؤرخ لـ ( المعجزة الأوربية ) التي أمسكت بمقود التاريخ وبالتدريج في مدى القرون الفارطة ، كما أنه يرى أنه ليس لنا مكان في القرن الواحد والعشرين ، حسب الخانات التي يوزعها . ففي الوقت الذي كان الغرب ينهض كان العالم الإسلامي يغط في أحلام وردية على رقصات ( الدراويش ) ، وازدراد الأساطير ، وقصص ألف ليلة وليلة ، وأخبار الجن والعفاريت ، فإذا قيل للسلطان العثماني أن شيئاً جديداً يدب في الغرب فهل لك في الزيارة والتعرف على مايحدث كان يجيب : سلطان المسلمين لايدخل بلاد الكفار إلا فاتحاً !! ولكن بفعلته قصيرة النظر هذه لم يدرك ، أنه سيحول أولاده بعد فترة من ( فاتحي ) أوربا إلى ( متسولي ) أوربا ، وراجعوا قصة ( علي التركي - ALI ) تعطيكم الخبر اليقين ( 8 ) وهذه هي سنة التاريخ الصارمة .
يتساءل باول كينيدي في كتابه القوى العظمى : (( لماذا قدر لتلك السلسلة التي لاتتوقف عن النمو الاقتصادي والابتكار التكنولوجي أن تحدث بين هذه الشعوب المتفوقة والضحلة التي تقطن الأجزاء الغربية من الكتلة الأرضية الآسيوية الأوربية التي تحولت إلى الريادة العسكرية والتجارية في الشؤون العالمية ؟ هذا سؤال شغل العلماء والمراقبين لقرون عديدة ... ففي سبيل فهم مسارالسياسة العالمية يجب تركيز الاهتمام على العناصر المادية طويلة المدى لاعلى الأهواء الشخصية والتقلبات التي تميز الدبلوماسية والسياسة )) ويضع كينيدي مجموعة من عناصر التفوق ، ولكن العنصر البارز هو السيطرة على البحار ، فبواسطته تم السيطرة على الثروة العالمية ، وتحويل قارات بأكملها إلى المسيحية ، وأما الانفجار العلمي فجاء كنتيجة جانبية لكل هذا التطور الجديد ، فقاد بالتالي إلى بداية تشكيل نظام عالمي جديد ، للغرب فيه اليد العليا ( 9 ) وهكذا ففي الوقت الذي كان نجم الغرب يتألق عبر الأفق ، كان شمس الحضارة الإسلامية يغلفها شفق المغيب ، وهذا الليل كان ( منظومة الأفكار ) بالدرجة الأولى ، وتوقف العقل عن النبض كان بسبب مجموعة انتحارية من الأفكار ، ونظم معين من ( العقلية ) المتشكل .
إذا كان ( طنين الذبابة ) عند أذن ديكارت أوحى له بـ ( الهندسة التحليلية ) ( 10 ) في مجالس ( مارين ميرسين ) في بورت رويال في باريس ، وسقوط ( التفاحة ) أوحت إلى نيوتن بقانون ( الجاذبية ) وأبريق الشاي الذي يغلي إلى دينيس ببان بفكرة ( قوة البخار ) ، وعضلات الضفدع إلى غالفاني بفكرة ( الكهرباء ) ، فإن العقل الإسلامي كان قد ختم على نفسه بالشمع الأحمر ، وأقفل عقله بأكثر من مفاتيح قارون على خزائنه ، وإن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة من الرجال ؟!! ( 11 ) . وفي الوقت الذي كان الانكشارية يحاصرون فيينا كان نيوتن يكتب ( الأسس الرياضية للفلسفة الطبيعية - PHILOSOPHY NATURALIS PRINCIPIA (MATHIMATICA وكان غاليلو يقوم بتجاربه على السرعات ، ويطُوَّر التلسكوب والبارومتر والمجهر على يد آخرين ، في الحين الذي كان العقل المسلم قد أصيب بحالة ( استعصاء تاريخية ) لم يتعافى منها حتى الآن ، وهي حالة الشلل العقلي الذي أدخله الليل الحضاري ، ليدخل في ( دارة معيبة ) يؤثر كل طرف على الآخر سلباً ، بين ( العطالة ) العقلية و( العجز ) الحضاري .
إن الفوضى الاجتماعية في العالم الأسلامي هي ( فوضى عقلية ) قبل كل شيء ، وإن التنظيم الألماني المدهش هو عقل هيجل الممتد المنبسط على الأرض ، لذا فإن أعظم عمل يمكن أن ندشنه هو تفكييك العقلية الإسلامية ، لمعرفة الآليات المسيطرة عليها ، والتي أعطبتها العطالة . لذا كان الكاتب المغربي ( الجابري ) موفقاً للغاية عندما انتبه إلى هذا الحقل فكتب في ( بنية العقل العربي ) ( 12 ) ولعل أكبر نكبة مني بها العقل العربي هي مرض ( الآبائية ) ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) ( 13 ) مع كل تكثيف القرآن على خبث هذا المرض العقلي .
يذكر ابن كثير في تفسيره واقعةً ملفتةً للنظر عن صحابي أُصيب بالدهشة عندما أخبره ( l ) عن حدث مروع سوف يطال المجتمع الإسلامي فيتبخر منه ( العلم ) !! فلم يستطع الصحابي تصور ذلك ، طالما كان القرآن بين يدي الناس يقرؤه كل جيل ، وينقله إلى الآخر ، فأرشده ( l ) إلى أن هذا ممكن مع وجود القرآن ( 14 ) بسبب العقل المتعطل ، فلا يستفيد من أعظم الكنوز ، وأن أعظم الكتب يمكن أن تتحول إلى مجرد أوراق ميتة على ظهر حمار ( كمثل الحمار يحمل أسفاراً ) حينما تفقد وظيفتها الإحيائية للعقل ( 15 ) وهذه الواقعة إن دلت على شيء ؛ فهو أن العقل حينما يتعطل لايستفيد من كل عجائب الأرض التي تحيط به ، ويمر على الآيات ( وهو عنها معرض ) لإن الإنسان عندما يخسر نفسه فلن يربح شيئاً . وأن ماحدث في يوم لأمة سوف يحدث لغيرها في يوم لاحق . فالقانون الألهي يطوق عباده جميعاً .
هوامش ومراجع :
( 8 ) كتبها رجل ألماني تزيَ بزي تركي ، وعمل لمدة ثلاث سنوات ، وهو يتظاهر أنه تركي في ألمانيا ورأى العجائب وحقائق القلوب فكتب كتابه هذا الذي حقق له ريعاً زاد عن عشرة مليون مارك !! ( 9 ) القوى العظمى - التغيرات الاقتصادية والصراع العسكري من 1500 حتى 2000 - باول كينيدي - مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية -ترجمة عبد الوهاب علوب - ص 38 و49 و50 ( 10 ) جاء في كتاب عندما تغير العالم (( ومن الطريف والمثير أن تحدث قصة بسيطة ذات يوم أثناء الاجتماعات التي كانت تعقد عند راهب فرانسيسكاني يدعى مارين ميرسين .. فقد سمع ديكارت طنين ذبابة تطير في المكان الذي كان يعقد فيه الاجتمناع ، أخذ ديكارت يفكر في موقع الذبابة فتصور موقعها لابد أن يكون تحت نقطة يتقاطع عندها في زوايا قائمة خطان ، أحدهما خارج من الاتجاه الجانبي والآخر من أسفل ، هذان المحوران يعطيان محورين إحداثيين لتحديد موقع الذبابة في أي وقت ، ويمكن قياس بعدهما باستخدام إحداثيين متعامدين وفي مستوى واحد ، وهذا النظام الجديد للأحداث الرياضي هو مانسميه اليوم ( الخط البياني ) - عالم المعرفة 185 - تأليف جيمس بيرك - ترجمة ليلى الجبالي - ص 201 ( 11 ) سورة القصص 76 ( 12 ) أصدر المفكر المغربي عابد الجابري تحت نقد العقل العربي جزئين بنية العقل العربي وتكوين العقل العربي - مركز دراسات الوحدة العربية ( 13 ) الزخرف 23 ( 14 ) الحديث : (( ذكر النبي ( l ) شيئاً فقال : وذاك عند ذهاب العلم . قلنا يارسول الله وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا ، وأبناؤنا يقرئونه أبناءهم إلى يوم القيامة ؟ فقال : ثكلتك أمك يابن لبيد ، إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة . أو ليس هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والانجيل ولاينتفعون مما فيهما بشيء )) ذكره ابن كثير في تفسير الآية 66 المائدة وصححه ( 15 ) تأمل الآية القرآنية ( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً ) سورة الجمعة آية 5 .
اقرأ المزيد
وإذا كان الجناح الغربي للعالم الإسلامي قد سقط في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي ( 3 ) فإن كارثة أشد ترويعاً حلت بالعالم الإسلامي في جناحه الشرقي ، وبفارق أقل من عقد واحد من السنين !! فبعد ثماني سنوات فقط من سقوط اشبيلية ، التهمت المحرقة المغولية الرهيبة الزاحفة من الشرق ( بغداد ) رأس الخلافة الإسلامية عام ( 1256 ) م ، فاغتصبت لؤلؤة الشرق ، ودمرت المدينة ، وذبح مليونين من السكان ، وأحرقت المكتبات ، وضاعت العلوم والكنوز التي جمعها العالم الإسلامي في أربعة قرون على يد البرابرة في أربعين يوماً من الاستباحة الكاملة ؟! وبذلك سجل التاريخ سقوط ( جناحي ) العالم الإسلامي في منتصف القرن الثالث عشر للميلاد ، وسجل ابن خلدون هذه الظاهرة ، عندما قرر أن الخمول والانقباض قد حل بالمشرق كما حل بالمغرب (( وجاء للدول على حين هرمها ، وبلوغ الغاية من مداها ، فقلص من ظلالها ، وفل من حدها ، وأوهن من سلطانها وتداعت إلى التلاشي والاضمحلال أموالها ، وانتقض عمران الأرض بانتقاض البشر ، فخربت الأمصار والمصانع ، ودرست السبل والمعالم ، وخلت الديار والمنازل ، وضعفت الدول والقبائل ، وتبدل الساكن وكأني بالمشرق قد نزل به مثل مانزل بالمغرب ، لكن على نسبته ومقدار عمرانه ، وكأنما نادى لسان الكون في العالم بالخمول والانقباض ، فبادر بالإجابة ، والله وارث الأرض ومن عليها ، وإذا تبدلت الأحوال جملة ؛ فكأنما تبدل الخلق من أصله ، وتحول العالم بأسره ، وكأنه خلق جديد ونشأة مستأنفة وعالم محدث )) ( 4 )
مع هذا نريد أن نضع مخططاً بيانياً مفيداً لــ ( صيرورة ) الحضارة الإسلامية عبر التاريخ لنرى أين يصبح مكاننا على ضوء هذا المخطط ؟؟
يمكن أن نستعير تشبيه المفكر الجزائري ( مفاك بن نبي ) في المخطط البياني الذي رسمه للعام الإسلامي ( 5 ) ويعتبر أن نقطتين تسيطران على مجرى صيرورته :
الأولى : ويعتبرها نقطة ( توقف ) وهي المتوافقة مع معركة ( صفين ) عام 34 هـ .
والثانية : وهي بداية ( الانهيار ) وهي المتوافقة مع فترة ابن خلدون ، في نهاية القرن الرابع عشر الميلادي ، المتوافق مع نهاية القرن الثامن الهجري .
في الأولى توقفت فيها الروح عن الصعود وسيطر فيها العقل ، فاستمر العالم الإسلامي في اندفاعه بزخم الوثبة الروحية الهائلة التي فجرها محمد بن عبد الله ( l ) في الجزيرة العربية ، وفي الثانية تحررت الغريزة من أسار الروح والعقل بالكلية فتدمر العالم الإسلامي ، لإن هناك بالعادة تناقض بين الروح والغريزة ، حتى في حديث البايولوجيا ، فسن اليأس عند المرأة - ويصاب به الرجل بالمناسبة أيضاً مثل المرأة - يترافق بظاهرتين مزدوجتين : نمو عالم الروح ونضج العقل وانخفاض عتبة الجنس ، وإن كان البعض يحاول جاهداً مصارعة لغة البايولوجيا التي لاترحم ولاتفقه إلا بمفردات لغتها بالذات .
يرى مالك بن نبي أن معركة ( صفين ) لم تكن مجرد معركة عسكرية بسيطة حقق فيها طرف انتصاراً على طرف أو بالعكس ، بل كانت ( انعطافاً ) في مسيرة الحضارة الإسلامية ، و ( انقلاباً ) لسلم القيم . ويشهد لانقلاب ( منظومة القيم ) هذه قول عقيل ابن ابي طالب : (( إن صلاتي خلف علي أقوم لديني وحياتي مع معاوية أقوم لحياتي )) في حين أن ( منظومة القيم ) كانت قبل ذلك أن الحياة كلها لله ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) ( 6 ) . فهنا نلاحظ حدوث ( فصام ) في شخصية الإنسان المسلم ( ظاهرة الشيزوفرينيا - SHIZOPHRENIA ) ( 7 ) التي لم يعافى منها حتى اليوم . وهذا الانشقلق المروع في عالم صفين أفرز ثلاث عوالم : عاَلم عقلاني ، وآخر انتهازي ، وثالث دوغمائي ، العقلاني يخسر معركة تقرير المصير بالتدريج ، والانتهازي يملك مقود التوجيه ، والدوغمائي يدمر نفسه ومن حوله بآليتي العنف والجمود العقلي . وسوف يكتب مصير العالم الإسلامي بعدها أن يتشرب العنف ، فيعجز عن حل مشكلة نقل السلطة السلمي بعد فترة الحكم الراشدي ، الذي اتفق العالم الإسلامي كله على منحه هذا اللقب ، فلم يعد ( رشد ) بعد الحكم الراشدي ، بل تحول التاريخ الإسلامي برمته إلى مسلسل لاينتهي من قنص السلطة الدموي ؛ ففقدَ العالم الإسلامي الرشد ، وفقد الأمانة والأمن الاجتماعي ، وتحول إلى مذهب الغدر . وسوف نرى نتائج ذلك ، في التحولات العقلية الكبرى بعد ذلك عندما توقفت الحضارة الإسلامية عن النبض والخفقان .
إذن فكارثة التحلل في العالم الإسلامي لم تبدأ في طليطلة وسرقسطة ، في اشبيلية أو بغداد ، لم يدشن بهجوم خارجي ، بل بتحلل داخلي بالدرجة الأولى . بدأ المرض منذ معركة ( صفين ) فالانشقاق الرهيب صدَّع العالم الإسلامي من يومها ، وترك بصماته على العقلية الإسلامية حتى اليوم ، وكانت هذه الجرعة السمية في عروق ضمير المسلم مدعاة لاختلاجات ونوافض وتشنجات لم تنته حتى الآن ، فكل مظاهر المرض الإسلامي بدأت من تلك المعركة التي أصابت الضمير بالعطب ، فأتلفت العديد من الأجهزة النبيلة ، والخلايا الحية ، والأعضاء الاجتماعية الحيوية ، ففي رحم التاريخ ، وفي تلك الظروف المشبوهة كتبت معظم ثقافتنا ، التي يجب أن توضع تحت صرامة التحليل والعقل النقديين الآن ، فالكثير الكثير من الأفكار ( القاتلة ) و ( الميتة ) مازالت تفعل فعلها فينا وبدون شعور منا ، لإنها مختبئة تعمل في الظلام ومن خلال آليات ( اللاوعي ) الاجتماعية .
هوامش ومراجع
(3 ) يراجع في هذا كتاب الإسلام الأمس والغد - لوي غارديه ترجمة علي المقلد - دار التنوير - ص 78 - تراجع فكرة نقطتا التحجر ( 4 ) مقدمة ابن خلدون ص 33 ( 5 ) شروط النهضة - مالك بن نبي - ترجمة عمر كامل مسقاوي وعبد الصبور شاهين - نشر دار الفكر - ص 99 ( 6 ) الأنعام 162 ( 7 ) يواجه الأطباء النفسانيون مرض الفصام ( الشيزوفرينيا ) في شخصية مرضاهم حيث تتفكك شخصية الإنسان ، فحسب تعريف لويس يمتاز بأمرين : أولاً التكسر في المقومات المكونة للعقل : ( الشخصية ) وهي الفكر والعاطفة والسلوك . وثانياً : فقدان التوازن ( الترنح ) في العمليات النفسية الداخلية ، جاء في مذكرات فتاة مصابة بالشيزوفرينيا مايلي : (( كان الجنون .. على نقيض الواقع .. حيث ساد حكم ضوء ظالم .. لم يترك مكاناً للظل ... فلاة شاسعة لاحدود لها .. هذا الفراغ الممتد .. إني خائفة .. إني في وحدة مرعبة ... )) راجع كتاب فصام العقل - الدكتور كمال علي - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - ص 24
اقرأ المزيد
جاء في كتاب دول الطوائف مايلي : (( وهكذا سقطت الحاضرة الأندلسية الكبرى وخرجت من قبضة الإسلام إلى الأبد .. بعد أن حكمها الإسلام ثلاثمائة وسبعين عاماً . ومنذ ذلك الحين تغدو طليطلة حاضرة لمملكة قشتالة ، ويغدو قصرها منزلاً للبلاط القشتالي بعد أن كان منزلاً للولاة المسلمين . وقد كانت بمنعتها المأثورة ، وموقعها الفذ في منحنى نهر التاجه حصن الأندلس الشمالي وسدها المنيع الذي يرد عنها عادية النصرانية ، فجاء سقوطها ضربة شديدة لمنعة الأندلس وسلامتها . وانقلب ميزان القوى القديم ، فبدأت قوى الإسلام تفقد تفوقها في شبه الجزيرة ، بعد أن استطاعت أن تحافظ عليه زهاء أربعة قرون ، وأضحى تفوق القوى النصرانية أمراً لاشك فيه ، ومنذ ذلك الحين تدخل سياسة الاسترداد الاسبانية ( لا .. ري كونكيستا LA RECONQUISTA ) في طور جديد قوي ، وتتقاطر الجيوش القشتالية لأول مرة منذ الفتح الإسلامي عبر نهر التاجه إلى أراضي الأندلس تحمل إليها أعلام الدمار والموت ، وتقتطع أشلاءها تباعاً في سلسلة لاتنقطع من الغزوات والحروب ))( 1 )
كان سقوط طليطلة عام 1085 م الموافق عام 478 هـ ، ويوافق أيضاً مرور 80 سنة على تفشي مرض ( دول الطوائف ) في الأندلس ، فبعد أن غابت الدولة الأموية عن الوجود عام 399 هـ ، بدأت عملية التفسخ الحضاري تأخذ مداها في الجسم الإسلامي ولمدة جيلين بالكامل ، وعاصر الإمام ابن حزم هذه الفترة وذكرها بسخط شديد ، وخلد الشعر العربي تلك المرحلة بالتعبير : ( أوصاف مملكة في غير موضعها ..... كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد ) ولكن سقوط ( طليطلة ) بوجه خاص أدخل الفزع بشكل جدي إلى مفاصل ملوك الطوائف ، فهرعوا إلى الدولة الفتية الناشئة في المغرب ( دولة المرابطين ) مع علمهم أن هذا هو نهايتهم على كافة الأحوال سواء على يد ( الفونسو السادس ) أو على يد ( يوسف بن تاشفين ) فقال المعتمد بن العبَّاد قولته الشهيرة ( إن كان ولابد من أحدهما : فرعي الجمال أحب إليِّ من رعي الخنازير !! ) . وكانت معركة ( الزلاَّقة ) على حدود ( البرتغال الحالية ) بين نهري ( جريرو ) و ( جبورة ) من جانب ونهر ( الوادي ) من الأسفل في سهل الزلاَّقة الذي يأخذ اسم ( ساكراخاس ) اليوم ، وكان ذلك يوم الجمعة 12 رجب سنة 479 هـ الموافق 23 اكتوبر تشرين الأول سنة 1086 م أي بعد عام واحد من سقوط طليطلة المفجع . وفيها تم تمزيق الجيش الأسباني بمجموعة من تكتيكات حربية استخدمها العجوز المحنك والبالغ من العمر ثمانون عاماً ( بن تاشفين ) . إلا أن هذا النصر في الواقع لم يكن أكثر من كابح مؤقت لمعارك الاسترداد الاسبانية ، فالمرض في المجتمع الإسلامي كان أفظع من أن يعالج بمعركة هنا وهناك ، لإن العفن كان قد وصل إلى مخ العظام ، وهذا الذي أدركه ابن تاشفين الذي حام حول مدينة طليطلة التي كانت هدفاً استراتيجياً لحملته التي جاء بها إلى الجزيرة ، فأدرك استحالة استردادها ، واكتفى بمسح دول الطوائف الهزيلة ، وبناء دولة مركزية مرتبطة بدولة المرابطين .
كانت معركة الزلاقة ذات حدين ، فهي فلت حد الأسبان ، ولكنها أعلنت بنفس الوقت أن الأندلس انتهت منذ ذلك اليوم ككيان مستقل . وأصبحت الأندلس منذ ذلك الوقت عالة على المغرب في حمايتها والحفاظ على وجودها ، لذا لاغرابة أن كان الملوك الموحدين ( دولة الموحدين جاءت بعد دولة المرابطين ) يسمونها بـ ( اليتيمة ) كما هي اليتيمة الجديدة اليوم ( البوسنة )؟! . هذه الضربة عام 1085 م كانت حلقة في سلسلة ، لابد من معرفة ماقبلها وما بعدها ، حتى يمكن فهم الواقع المريض الذي يعيش فيه العالم الإسلامي ، فبين معركة الزلاَّقة عام 479 هـ الموافق 1086 م ومعركة العقاب عام 1212 م الموافق 609 هـ ( 126 ) عاماً فقط ، فمعركة ( الزلاَّقة ) التي فرملت الزحف الأسباني ، انتهت بمعركة ( العقاب ) التي فتحت الباب لسقوط الأندلس النهائي ( 2 ) الذي سيختم مع نهاية القرن الخامس عشر للميلاد ( 1492 م ) ومن الجدير بالذكر أن معركة العقاب جاءت بعد 14 عاماً من موت الفيلسوف ( ابن رشد ) الذي نفي في السبعين من عمره ليعيش في قرية الليسانة اليهودية منبوذاً محطم القلب ، فعوقب المجتمع الأندلسي برمته فمسحت مدينة قرطبة مدينة ابن رشد من خارطة العالم الإسلامي بعد معركة العقاب بـــ ( 24 ) سنة فقط ( 1236 م ) !! وكانت مدينة ( سرقسطة - ZARAGOZA ) قد سقطت قبل ذلك عام 1141 م ، ثم تتالى مسلسل السقوط ، فسقطت ( بالنثيا - BALENCIA ) عام 1238 م وتوج الانهيار بسقوط مدينة المعتمد بن عباد عام 1248 م ( اشبيلية - SEVIA ) وهكذا سقط الجناح الغربي للعالم الإسلامي ، وانزوى المسلمون في الزاوية الجنوبية حول ( غرناطة - GRANADA ) ينتظرون مصيرهم في كف القدر ، حسب الوضع الأسباني وكيف يتطور ، ذلك أن المجتمع الأندلسي كان قد فقد منذ سقوط طليطلة القدرة على تقرير المصير .
هوامش ومراجع :
( 1 ) دول الطوائف منذ قيامها حتى الفتح المرابطي _ تأيف محمد عبد الله عنان _ مكتبة الخانجي بالقاهرة _ ص 115 - 116 ( 2 ) هزم فيها الموحدون راجع نفس لمصدر السابق جزء عهد الموحدون
اقرأ المزيد
إذا كان الواقع البشري هو محصلة طبيعية للأفكار السائدة والنظام العقلي المسيطر ، فإن وضع العالم الإسلامي غير السار اليوم يعود إلى النظام المعرفي ( الابستمولوجيا ) والعقلية التي تحرس شجرة المعرفة هذه ، وهذا المرض الثقافي ليس ابن اليوم بل هو محصلة تراكمية عبر القرون ، الذي أورث العقلية مجموعة من الأمراض المزمنة التي أصابته بالكساح ، لعل أهمها تكريس العقل باتجاه ( الوظيفة النقلية ) .
وترتب على حرمان العقل من الطاقة النقدية التحريرية ثلاث نتائج هامة :
1 - الأولى : تحول العقل إلى ( حاوي فوضوي ) لــ ( كم ) من المعلومات بدلاً عن تشكيل عقلية ذات نظام ( SYSTEM ) وتركيب ( STRUCTURE ) معرفي ، فنمت ملكة الحفظ وتوقفت الوظيفة ( التحليلية التركيبيبة ) والنقدية للعقل ، بل نسف أي مشروع لبناء معرفي مستقبلي .
2 - الثانية : بحرمان العقل من وظيفة المراجعة ؛ من خلال قتل ملكة النقد الذاتي أمكن تكريس الأخطاء وتراكمها بل وزحزحتها باتجاه الآخرين ؛ بإحياء آلية تبرئة الذات ( فكرة كبش الفداء ) وبذلك توقفت النفس عن العمل تماماً في الحقل المفيد ، فتوقفت عن تصحيح الذات ، فوقفَ النمو ، فجمدت الحياة . وبتوقف العقل توقفت الحضارة الإسلامية عن النبض الحي في التاريخ .
3 - الثالثة : ظن الاستغناء بالنص عن الواقع قاد إلى كارثتين : انتفاخ الذات المرضي بأن المسلمين خارج القانون الآلهي ، فلا ينطبق عليهم ماانطبق على غيرهم ، وعدم الاستفادة من تجربة التاريخ الضخمة التراكمية ( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل : فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق ؟!! )
يعاني العالم الإسلامي اليوم من مشكلة ( تحدي ) ثلاثية الأبعاد ، وكل تحدي يعتبر مشكلة عويصة بحد ذاتها ، وكأنه لاأمل في حلها ، بحيث يصبح مشروع النهضة مشكوكاً فيه .
الأولى : عظمة الماضي وهزال الحاضر ، فالمسلمون أبناء حضارة ضخمة ، وكان دورهم في التاريخ قيادي ورائد ، واليوم يمثلون ليس مركز العالم ، بل دول الأطراف العاجزة عن حل مشاكلها ، فالألم عميق بين الهدف والواقع ، بين الإمكانيات والإرادات ، وما يحدث في العالم الإسلامي اليوم دليل على عجز مروع ، وشلل مخيف في الجسم الإسلامي الممتد من طنجة حتى جاكرتا .
والثانية : هي في الفجوة المعرفية التراكمية بين قمة العالم الحالي وبين الواقع ( المعرفي ) في العالم الإسلامي ، فالعالم الإسلامي لم يدخل المعاصرة تماماً ويتمكن من أسرارها ، بل هو في حالة ( فقد توازن ) مع إعصار الحداثة الذي دخل بيته ، وأدخل معه الفوضى إلى ترتيب بيته السابق ، كما نسف كل الطمأنينة السابقة التي كان يحياها .
والثالثة : إننا عقلياً ( دون مستوى القرن الثالث الهجري ) ففي الوقت الذي كان العقل المسلم فيه يتألق في حلقات المسجد العلمية ، ويدرس آخر الفكر السائد في عصره ، ويصدر نتاجه العلمي ، فنحن لانستطيع حتى بناء مناخ عقلي يشابه ذلك الذي ترعرع في تلك القرون . فهم بنوا المعاصرة وعاشوها ونحن تغزونا المعاصرة وتقتحم علينا عقولنا . فعجزنا ثلاثي المستوى : بين مانريده ولانملك إمكانياته ، بين الغياب عن التاريخ وماحدث فيه ، وبين فقدان الذاكرة التاريخية كالمصدوم الذي نسى شخصيته فلايعرف من هو ؟ فنحن لانعرف حتى ذاتنا !!
والسؤال كيف حدث هذا ولماذا حدث وفي أي ظرف تاريخي ؟؟
لايمكن معرفة واقع العالم الإسلامي المريض مالم يفهم ضمن قانون ( الصيرورة التاريخية )
فالسقوط والتمزق الحالي هو ثمرة لأفكار تشكلت عبر القرون ، ولذا لابد أولاً من الغوص في بطن التاريخ لملاحقة الأحداث وتتابعها وترابطها وتأثيرها في بعضها البعض ، فلايمكن فهم الحدث لوحده معلقاً في الهواء . فعلينا إذن أن نتتبع المسارات التاريخية لفهم أفضلَ لواقع الكارثة في العالم الإسلامي اليوم .
عندما كنت في زيارة لمدينة طليطلة ( TOLIDO ) في اسبانيا كنت مهتما برؤية نهر ( التاجه ) والسبب في ذلك هو الانطباع الذي أخذته من كتب التاريخ عن مناعة البلدة ، وأثناء الجولة السياحية تأملت المنحدر الجرانيتي العميق للنهر ، والذي يطوق البلد وكأنه ( التاج ) الذي أخذ النهر منه اسمه . كما تأملت الحصون الثلاثية المرتفعة التي شكلت مناعة خاصة للبلد ، كلفت الاسبان يومها حصاراً مديداً ، قبل أن تسقط ( العاصمة التقليدية ) لشبه الجزيرة الايبرية عام 1085 بأيديهم ، ولكن مع سقوط طليطلة حصل تطور خطير في مصير الاندلس برمته ، وهو انكسار التوازن الاستراتيجي في شبه الجزيرة الايبرية لحساب الاسبان ضد المسلمين ، الذين لم يدركوا يومها تطور المنحنى البياني التاريخي ضدهم ، لإن خلافاتهم الداخلية وصراع العروش الهزيل أنساهم حتى هدير الطوفان المزمجر حولهم .
اقرأ المزيد
وهكذا ففي الوقت الذي دخل العالم القرن العشرين بقدر كبير من التفاؤل بقدر ما يدخله اليوم بكثير من عدم الثقة. والجدير بالذكر أنه وفي الأول من يناير عام 1901 جاء في افتتاحية جريدة «شيكاغو تريبيون» على الشكل التالي: «أن القرن العشرين سيكون قرن الإنسانية والأخوة لكل البشر وسيفوق في عظمته كل اكتشافات العلم وانتصارات الفن التي سبقته» والذي ظهر أن القرن العشرين كان قرن الحروب العالمية والأوبئة مثل أنفلونزا 1918 التي قضت في أربعة أشهر على البشر أكثر مما قضت الحرب العالمية على الجنود في أربع سنوات. وفرخت العنصرية والنازية والفاشية والديكتاتوريات العسكرية بالانقلابات (ومن هذه اللعنة شرب العالم العربي كؤوسا دهاقا). وفيه ولد حق الفيتو مثل أي كائن مشوه لا يصلح لحل مشاكل العالم سوى خدمة نادي الأقوياء، وتعطيل وتعضيل ولادة العدل في الأرض.
والآن يتفق العديد من المفكرين مثل المؤرخ (ايرك هوبسباوم Eric Hobsbawm) من جامعة لندن، والفيلسوف نوربرت بولتس Norbert Bolz من جامعة إيسن من ألمانيا وعالم التاريخ رولف بيتر زيفرليه Rolf Peter Sieferle من جامعة برلين أن القرن الحالي أفضل ما يوصف فيه أن «البشرية مقبلة على عهد تزداد فيه الفوضى» وأنه على حد قول (هوبسباوم) كما في كتابه الشهير «عصر التطرف» «أنه لا توجد أي قوة عظمى بما فيها الولايات المتحدة أن تسيطر وتنظم العالم، وأن الكون في فوضى عارمة». وهو بذلك يولد ولادة جديدة لا يتجرأ أحد على التنبؤ بها فقد علمنا التاريخ مصير مسيلمة الكذاب والصحاف العراقي وجوبلز النازي وأحمد سعيد الناصري.
لقد كتب الأمريكي ادوارد بيلامي Edward Bellamy عام 1888 قصته المثالية بعنوان (العالم عام 2000). توقع أن يكون العالم «خالياً من الطبقات تعمه الأخوة، بدون سيارات وطائرات وقنابل نووية، يساق للناس رزقهم عبر شبكة هائلة من الأنابيب بالعشي والإبكار». واليوم بعد مرور أكثر من قرن على أحلام الكاتب بيلامي نعرف أنها لا تزيد عن هلوسة.
ونشر قسيس مجهول اسمه توماس مالتوس عام 1798 بحثاً قصيراً بعنوان «تزايد السكان وأثره في مستقبل نمو المجتمع» تنبأ بكارثة اجتماعية أمام تكاثر السكان وفق سلسلة هندسة أمام زيادة الغذاء وفق سلسلة حسابية (الحسابية 2-4-6-8-10 وهكذا والهندسية هي 2-4-8-16-32-64-128-256-512- 1024) ورأى أن الحل سيكون أحد أمرين: المجاعة أو الحرب أو كلاهما معاً. وحين كان يتكلم عن عدد السكان في الأرض كان العدد لا يزيد عن مليار إلا قليلا (عام 1803 كان عدد ساكنة الأرض مليار واحد ـ ومع بداية عام 2022 اقترب من 8 مليارات ويزداد يوميا مائة ألف أو يزيديون) واليوم وصل الرقم إلى الثمانية مليارات بدون مجاعة وحروب مهلكة من أجل الغذاء كما زعم صاحبنا مالتوس.
وكرس البنتاغون معاهد خاصة لدراسة المستقبل اسمها «مستودعات التفكير ThinkTanks» ظهر أن أخطاء التنبؤ فيها تزيد عن 80%. أما (هيرمان كان) رئيس معهد «راند» للدراسات المستقبلية فقد توقع لعام 2000 أن لا يجد سوى 70% من الأمريكيين عملاً! وتوقع (رافي بترا) كسادا مزلزلاً للاقتصاد العالمي عام 1989 على أساس الأزمة الدورية التي تحيق بالنظام الرأسمالي كل ستين سنة، وقدم نصائحه للناس بأن يستعدوا لدخول سبع سنوات عجاف اشد من سنين يوسف. أما (هاري فيجي) و(جيرالد سوانسون) فقد ذهبا إلى أفظع من هذا في كتابهما «الإفلاس الأمريكي عام 1995» بقولهما «لن يبق للولايات المتحدة التي نعرفها اليوم أي وجود بحلول عام 1995». وانطلقا في هذه النبوءة التي رجت مفاصل الناس من فكرة مفادها أن الديون الأمريكية ستصل على صورة عصا الهوكي إلى مقدار 13 تريليون دولار بحيث يدخل الاقتصاد الأمريكي حالة اللاعودة كما في الصدمة اللامرتجعة عند الإنسان – Irreversible Shock».
وفي الطب توقعت وزيرة الصحة الأمريكية عام 1982 الوصول إلى حل لمرض الإيدز في أربع سنوات. واليوم وبعد مرور أكثر من أربعين سنة على التصريح لا يوجد لقاح ضده. ويحمل هذا المرض اليوم أكثر من 33.4 مليون إنسان مات منهم 14 مليونا، وفي أمريكا وأوربا 1.4 مليون مصاب بالمرض.
إلى أين يمضي التاريخ ومن يستطيع أن يتجرأ فيقول إلى أين يمضي؟ الشيء الأكيد أن التاريخ يمضي بخطى تقدمية على جسر من المعاناة فوق نهر من الدموع. والشيء الأكيد أن العالم العربي يعيش عصر الانحطاط ولم يتغير كثيرا عن عصر كافور الأخشيدي. وأن الشمس طلعت من مغربها. و«إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». والسؤال ما هو هذا الذي بأنفسنا ويحتاج للتغير؟
تقول الرواية أن طفلاً نزقا أراد أن يعلمه والده ضبط النفس فقال له كلما غضبت اثقب في الجدار ثقبا بطرق مسمار فيه ففعل وكانت كثيرة ومريعة. قال له أبوه: عندما تكف عن الثقب ارفع مسمارا عن كل يوم لا تغضب فيه ففعل. وبقي فترة طويلة حتى رفع كل المسامير. نظر الطفل فرأى أن الجدار زالت منه المسامير وبرز محلها فوهات لانهاية لها من آثار الثقوب. استحى الطفل في نفسه فقال له أبوه: قد نكف عن الغضب ولكن الإهانات التي نفعلها مع الناس تبقى ندبات لا تزول مع زوال نزواتنا، وهذه هي قصة العرب اليوم. فلو بكى أحدنا بقدر نهر دجلة فلن يعيد قتيلاً إلى الحياة. وللعلم فإن قتلى نظام البراميلي في سوريا فاقت المليون مالم يتله بنو صهيون في كل حروبهم مع العرب على كل الجبهات!
اقرأ المزيد
في كتاب «حتى الملائكة تسأل» بقلم جيفري لانج، أستاذ الرياضيات الأمريكي، يذكر فيه أنه سأل والده حينما كان طفلاً: يا أبت هل تؤمن بالجنة والنار؟ فأجابه: «أما الجنة فلا علم لي بها أما جهنم فقد رأيتها». ووضع العالم العربي اليوم مثل المريض المدنف يصحو على نزف وينام على اختلاط بدون عناية مشددة وأطباء. ويعرف كل من حوله أنه مريض. ويعرف كل من حوله أنه لا يعرف طبيعة المرض أو نوع الدواء. والجميع بين خائف وحزين ويائس. وحين تدفق الربيع العربي أدركنا أننا في عصر الثلوج ولما يبزغ الفجر.
وفي المحطات الفضائية يرتدي مقدمو البرامج ملابس السحرة فيدمدمون ويسجعون ويجري الحديث عن اعتذار ومصالحات عربية كمن يعالج الايدز بالبخور. وهو ليس انتقاصا من قدر البخور سوى أنه ليس في مكانه. ذلك أن مرض الغدر لا يعالج بالكلام.
«ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون».
ويمضي التاريخ وفق قوانينه الخاصة. «ومضت سنة الأولين».
وقبل دخول الألفية الثالثة سألتني مجلة (الرجل) فيما أذكر ثلاثة أسئلة عن أهم (الرجال) و(الأحداث) في فترة الـ 500 عام الماضية. و(العقد الفائت) و(العقد القادم)؟؟
وكان جوابي أن ما حدث خلال القرون الخمسة الفارطة واضح لأنه ظهر أثر أولئك الرجال مثل (كوبرنيكوس) الذي قلب النظام الكوني. و(ديكارت) الذي قلب عقولنا بمنهج الشك الذي يقود لليقين. و(دارون) الذي أعطانا مفهوماً جديداً لمعرفة نشأة الحياة وتطورها. و(غاندي) الذي أحيا منهج الأنبياء بدون نبوة وهو قهر الخصم بالحب دون قتله. و(كولومبوس) الذي قلب خرائط العالم ومعها أقدار الشعوب، وقفز الصليبيون الفقراء إلى واجهة التاريخ، ولم تعد ملكة بريطانيا تعيش على القرصنة على يد زعيم القراصنة (دارك) أو يقودهم ملك أمي إلى بيت المقدس؛ بل ملكوا البحار والثروات ومؤسسات البحث العلمي والجيوش الحديثة ومصارف المال وعالم الديجتال. ويبنى لأحفاد ريتشارد قلب الأسد بيوت في القطب الجنوبي والقمر والمريخ. أما رجال العقد الفارط فيختلف قدرهم من زاوية رؤيتهم مثل (ماري روبنسون) في حقوق الإنسان أو بروز تيار الإصلاحيين في إيران مع (خاتمي) قبل أن يختم عليه، أو انهيار حلم الوحدة العربية بعد عاصفة الخليج، أو الأحباط المقيم عن عقم الربيع العربي.
ويبقى أصعب الأسئلة هو ماذا ينتظرنا ولكن الشيء المؤكد فيه هو حراك جماهيري عفوي غير مخطط له واهتزاز الأنظمة العربية أمام زلزال لم ترصده مراصد الصراع الفكري. وهو مؤشر قد يكون جيداً كونه يعطي مؤشرا دقيقا عن المرحلة الفعلية التي تمر بها الأمة العربية المتوقفة في مربع الزمن عند القرن الخامس عشر الميلادي مكتوبا بالهجري؟ قبل فترة الإصلاح الديني في أوربا، بفارق أنه عصر جاء في غير محله كمن يلبس قميصاً بنصف كم في بلاد الإسكيمو أو ما أشعر به حاليا وأنا أكتب هذه الأسطر في مونتريال ـ كندا ودرجة الحرارة 26 تحت الصفر.
وأهمية معرفة المرحلة التي تمر فيها الأمة العربية ومؤشرات المستقبل تأتي من أهمية التاريخ العام للجنس البشري وتطوره، وأضع بين يدي القاريء المقابلة التي أجرتها مجلة «درشبيجل» الألمانية عدد 14ـ 2002 مع عالم الاجتماع (مانويل كاستلز Manuel Castells) من جامعة كاليفورنيا في بيركلين عن تطورات العالم الذي رأى أنه يتحول إلى مجتمع جديد إلكتروني من يدخل فيه على شبكة المعلومات انتمى إليه وأما الجاهلون فمصيرهم الانسحاق في ثقب أسود. وأن العالم الالكتروني سيكون حكراً على المتعلمين، ويذهب إلى ما ذهب إليه آندي جروف Andi Grove من رواد شركة انتيل للميكروشيبس أن قفزة عصر الانترنت تضاهي الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، وأن بنية المجتمع سوف تتغير كلية وتتراجع فيه سطوة الدولة والمخابرات فيفلت من قبضتها تدفق المال وتيار المعلومات في ضربة موجعة. وحيث الانترنت لا توجد مسافات، ومن كان خارج الانترنت كانت المسافات لا نهاية لها. وأنه عصر المرأة وأنه التحول الأعمق للمجتمع الإنساني بنشوء وعي نسائي مستقل، وهو غير قابل للارتداد. وأن من يقود العالم لم يعد رؤساء الدول بل ربابنة بحر الانترنت. وأن العالم سيعاني من ظاهرة «الاستقطاب Polarization» حيث يتحول إلى بنية مركبة من نواة فعالة للغاية تمثل 30% من الجنس البشري، في يدها العلم والمال والتكنولوجيا ومؤسسات البحث العلمي، وأنه مع دخولنا إلى الألفية سيكون ملياران من البشر من السعداء الفائزين، ملياران (2000000000) متصلان بعالم الشبكة الإلكترونية في الوقت الذي لا يعرف مليار من البشر تهجئة كلمة كومبيوتر وهم 16% من مجموع الجنس البشري. وأسوأ ما سيحدث ليس استعمارا من النوع القديم حيث تنهب ثروات الشعوب؛ بل تحول الجاهلين إلى (عالم رابع) يتم تجاهله لأنهم بكل بساطة ليسوا منتجين ولا مستهلكين للمعرفة. ومع هذا الاضطراب الكوني فسوف تنمو الأصولية في كل مكان من الدينية والعرقية والوطنية وتدخل فيها الأصولية الإسلامية والمسيحية والبوذية والصهيونية. ولسوف تتعاظم الجريمة المنظمة، وما ينفق اليوم على الجريمة 1.5 مليون مليون دولار (تريليون) وهو ما يعادل التجارة الأوربية في عام. وفي أمريكا يفتتح كل أسبوع سجن جديد يتسع لألف سجين، وينفق في كاليفورنيا على السجون ما ينفق على التعليم.
اقرأ المزيد
لقد كسر العلم الجغرافيا وحطم الرقابة ولكن قانون الله هو الذي سيثبت في النهاية فيذهب الزبد جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال. وعندما بدأت أفلام الجنس SEX) ) في الغرب غصت الرفوف بها فلا ترى الا العري.
وانطلقت موجة الستربتيز في الستينات من بريطانيا فزكمت الأنوف وشكلت أشرطة الفيديو 80?% من خزائن النوادي حسب احصائيات مجلة (در شبيجل) الألمانية، وبعد عدة سنوات انكسرت حدتها وتراجعت موجتها الى 20% ثم تحولت الى ظاهرة مخيفة بين (الجمود) و (الانحراف) فالجنس كالسبع الضاري من حرَّضه أكله. ومن رمى له بقطعة لحم عند جوعته أمنه. كما ذكر ذلك (ابن مسكويه) في كتابه (تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق). ولكنها تفعل فعلها السمي اليوم في العالم العربي لأنها تدخل بيئة عذراء غير مهيئة لهذا النوع من الاجتياح في ظل تابو المجتمع العربي.
ولم تتطور الثقافة الجنسية بين الأظهار والأخفاء من فراغ على قاعدة (أرسطو) الذهبية أن كل فضيلة هي وسط بين رذيلتين. فمع الاباحية يتحول المجتمع الى مستنقع يستحق التدمير فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل. ومع الكبت تنشأ الأمراض النفسية من الهلوسة الجنسية وتحويل كل النشاط الى جنس حتى لو كان ظاهرياً عين التقوى بسبب جوعة الجنس. ويصبح (جسد المرأة) المسرح السياسي لطغيان الرجل وإعلانه الوصاية على كائن متخلف عقلياً في اللباس.
ويعلل (مالك بن نبي) في كتابه (شروط النهضة) المعركة حول جسد المرأة بالمزيد من تعريتها أو التشدد في تغطيتها الى نفس الآلية الخفية من الدافع الجنسي لامتلاك جسد المرأة مع أن ظاهر الأمر يوحي بالتناقض بين الفحش والتقوى، ولكنه في حقيقته واحد مثل الفلم الأسود قبل التحميض والملون لاحقاً. إن الأسود الخفي هو قاعدة الملون الفاقع ولكن أكثر الناس لايعلمون. إن طغيان الذكر علىالأنثى يتبدى في إدعاء الملكية والخجل من ذكر اسم الأنثى وعدم الاستبشار بمولدها ولو كانت أصح من عشرة ذكور، وإذا مشى تركها خلفه لخطوات كما راينا ذلك في العائلات التركية في ألمانيا.
وتطل قسمات الدونية في الخجل من ذكر اسمها فهي (الجماعة) أو (العائلة) أو (أم الأولاد) أو (أنت أكبر قدر) كمن يتعفف من ذكر مكان الخلاء. هي لا اسم لها يتم استلامها بالبريد المسجل من الأب الى الزوج ومن المهد الى اللحد. وهناك من يدعي ان المرأة لها ثلاث (خرجات) من الرحم وبيت أهلها الى بيت زوجها ومن بيتها الى القبر ألا إنهم من أفكهم ليقولون. وعند الزواج يغيب اسمها فهي (كريمة) فلان تزف الى الشاب الذي يحمل اسماً ولقباً عريضين. ويسلب حقها من الأرث، ويدفع لها راتبا أقل، وتخشى على نفسها المسغبة عندما يغيض الشباب ويزول الجمال وتطعن في السن فتراهن على عطف بناتها أكثر من حقوقها إذا كان لها بنات. ويمكن للرجل أن يلقي بها في الشارع بطلاق مع متأخر رمزي دراهم معدودة هذا إن دفعت.
إن أبعاد الكارثة انسانية وليست عربية فقط وإن كانت المرأة العربية تبتلع الجرعة السامة منه ولاتكاد تسيغه ويأتيها الموت من كل مكان. مع هذا فإن المرأة في بريطانيا لم تصوت الا في عام 1912 وهي مازالت محرومة في بقاع شتى من هذا الحق البسيط والطبيعي. وفي بعض الأماكن مازال الزمن متوقفاً عند عتبة الأنثى فتحرم من قيادة السيارة. في الوقت الذي يطير الشباب الأرعن بدون رخصة سوى فحولته ويفحط ألوانا من الأشكال السريالية على رصيف الطرق. محولين الطرقات الى ساحات حرب تنقل الجثث على مدار الساعة. إن مصادرة المرأة كامل بما فيها صوتها البشري فهناك من يعتبر صوتها عورة مع أن القرآن يروي سورة كاملة باسم امراة جاءت الى النبي تشكو وترفع صوتها وتجادل والله يسمع تحاورهما. إنها نكبة ثقافية عندما يصادر القرآن برأي شخص.
إذا كان ظلم الانسان لنفسه هو الظلم الأعظم، فهو يؤسس بدوره لفهم جذور المشكلة الانسانية وفهم الظلم الاجتماعي عندما تتصدع الشرائح الاجتماعية الى (مستكبرين) و (مستضعفين) في أي مستوى بما فيه الجنسي. ومصدر هذا الخلل هو طبقة المستضعفين أكثر من طبقة الجبارين المتكبرين. وهذه القاعدة تنطبق على علاقات (المرأة ـ الرجل) فلماذا قبلت الأنثى هذا الاضطهاد الطويل؟ إن علاقات القطبين المشؤومين ( الاستضعاف ـ الاستكبار ) ذات مصدر موحد. كذلك كانت علاقات القوة في المجتمع بخلل هذه الرافعة بين بني البشر. ودعوة الاسلام جاءت لانتاج نسخة بشرية جديدة بالتخلي عن علاقات القوة. فكانت أول من آمن به امرأة، وأول من قتل في سبيل الله امرأة، ومن تسببت في اسلام ثاني شخصية في الاسلام امراة.
وفي الثورة الايرانية كانت المرأة تنزل الشارع جنبا الى جنب مع الرجل في المظاهرات المليونية ولم يمنعها (الشادور) من الاستشهاد فالطريق الى الجنة لايقف في طريقه قطعة قماش. الضعفاء هم الذين يخلقون الأقوياء. والأمم الهزيلة هي التي تنبت الطواغيت. والمستنقع هو الذي يولد البعوض. والغربان تحط على البقرة الميتة. والقابلية للاستعمار هي التي تمهد للاستعمار. والدول تنهزم بتفككها الداخلي. وتنهار الحضارات بالانتحار الداخلي.
هذا القانون يمسك جنبات الوجود بوتيرة مكررة بدءاً من الذرة الى المجرة ومن أبسط الأفكار الى أعظم الامبراطوريات. والمرأة لاتشذ عن هذا القانون وهي مسئولة عن تشكيل هذا التراث الخاطيء. ألقي القبض يوماً على امرأة خارجية وجيء بها الى الحجاج فقال لأصحابه ماتقولون فيها؟ قالوا عاجلها بالقتل أيها الأمير. فقالت الخارجية: لقد كان وزراء صاحبك خيراً من وزرائك. قال: ومن صاحبي؟ قالت: فرعون فقد استشار وزراءه في موسى عليه السلام فقالوا أرجه وأخاه.
اقرأ المزيد
وهكذا يتفوق الذكر بقسوته وجحوده في الوقت الذي تتفوق المرأة بالرحمة والحب والوفاء. فإذا ماتت عن الرجل زوجته فكروا له بالعروس ولما تدفن الزوجة بعد وزوَّجوه في أيام. وإذا مات عن المرأة بعلها حفظت وده واعتنت بالأولاد وعاشت مدبرة وهي خصلة للغالبية الساحقة من النساء قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله. وإذا عجزت المرأة رماها الى بيت أهلها براتب أو بدونه، وإذا وقع سدت عيبته وسترت عورته ورفعت من تحته قاذوراته حتى الممات.
وينتهي (بيتر فارب) الى مفارقة عجيبة وهي أن الجنس الأنثوي هو الذي يجب أن يسود لأنه: (الجنس الأطول عمرا والأكثر صحة والأقل عرضة للحوادث والمساوي للذكر في الذكاء) ولكن الذي حدث هو العكس. ولاتتزوج المرأة رجلين في الوقت الذي يعدد الرجل ولو في الكلام والأماني بين المزح والجد وفي لحن القول. وإذا جاءت الفرصة لم يقصر لأنه الفحل الذي لايسأل عما يفعل وهم يسألون. وعند الخطيئة الجنسية تقتل الفتاة ويكافيء الرجل في مجتمع يقوم على معايير الفحولة أكثر من العدالة. مع أن القرآن وضح حدود الزنا بالتساوي للجنسين ولكن الثقافة عندها قدرة أن تبني مفاهيم أثقل من نجم نتروني وتفرض على الواقع شريعة جديدة تلتوي لها الأعناق بدون وحي.
ومع كل عضلات الرجل فالمرأة بنعومتها تتحمل أضعاف مايتحمله الرجل من الألم بدون بطولة ويظهر هذا واضحاً في العمليات الجراحية. وأتذكر هذا جيدا من عمليات المرارة التي كنا نجريها على الرجال والنساء كيف تصمت المرأة وتتحمل، ويزعق الرجل فتهتز الغرفة من صرخاته.
ومع كل عضلات الرجل فالمرأة تعمر اكثر منه في المتوسط بـ 6 - 8 سنوات كما تظهر الاحصائيات.
والمرأة أكثر حكمة من الرجل بانفعالاته فإذا غشيه ضباب الشهوة وعلته الرغبة الجنسية فَقَد كل عقله ولم يعقب. ولي صاحب من مدينة الجديدة كان بنصف عقل فلما سقط في أحضان امرأة ألمانية في عمر أمه فقد بقية عقله.
وتظهر الصور الساخرة هذه المأساة على صورة فيلسوف يحبو على أربع قد علت ظهره أمراة. ويعتبر ديكارت (أن أعظم النفوس عندها استعداد أن ترتكب أفظع الرذائل ) وهي في هذا الحقل معهودة ومعروفة.
وإذا كانت حاجة المرأة للمحرم أحياناً بداعي (الأمن) كم هي في الديانة السعودية فإن الذكر يحتاج دوماً الى محرم كي لاينزلق الى أحضان الأخريات.
واعتبرت مدرسة (علم النفس التحليلي) أن (الليبيدو ( LIBIDO) أي الشهوة الجنسية هي محرك التاريخ الأعظم، وهي من ترهات وخرافات الفرويدية.
وإذا كانت (الطاقة النووية) هي أشدها في الطبيعة فهي (الجنس) في البيولوجيا، وكل شيء يفسر من خلالها، ومن يتورط فيها هو الرجل عادة وزين للناس حب الشهوات. ووقف المؤرخون طويلاً أمام أثر المرأة في التاريخ تحت إغراء (أنف كليوباترة). بحيث يعتبر (إدوارد كار) صاحب مؤلف (ماهو التاريخ؟) أن التاريخ ينقلب بهذه الطريقة أمام عدم فهم المرأة الى كيان هلامي يتملص من القوانين ويصبح كائناً رخواً عصياً على الفهم والضبط تتقاذفه الأهواء ويدمدم فيه عالم اللاوعي وهو ليس كذلك ولكنه ضريبة تحييد المرأة.
وتدخل المرأة مسرحية (علاقات القوة) حيث يظهر الجنس مختلطاً بالعنف كما تبرزها صناعة السينما بكثير من المساحيق، ومعظم الجرائم تدور حول الملكية في المال والمرأة. وتظهر تعابير (امتلاك) المرأة في ثقافتنا من حيث لاننتبه لأن الوعي يقوم على ظاهرة (الانتقاء) فهي (جوهرة) وبهذا التعبير تخسر المرأة بضربة واحدة آدميتها وتتحول الى عالم (الشيء) و (الممتلكات) لتدخل بأمان الى (خزانة) الرجل العامرة بالأشياء.
إنه حتى ممارسة الجنس بما يختلط من عنف هو بقايا غريزة الغابة وهو عملية تعبيرية عن خطف المرأة واغتصابها. لاغرابة أن استفحلت قوة ردة الفعل في المجتمع الغربي فبعد حركةالمساوا(EMANCIPATION) تبرز الحركات النسوية ـ الفيمينستFEMINIST) ) الى الواجهة وتتحرك في مظاهرات ضخمة لرد الاعتبار.
وهذه الحركة (النواسية) بين الفعل ورد الفعل تبدت أيضاً في حركة (الستربتيز) أي الاستعراء. فبعد موجة الرهبنة وحبس الغرائز جاء الدور لانتقامها فحطمت كل البنى القديمة. واليوم تتدفق أمواج الاباحية من الملكوت العلوي على ظهر ثبج البحر الأخضر الالكتروني من المحطات الفضائية فلا يستطيع منعها انس ولاجان.
لقد كسر العلم الجغرافيا وحطم الرقابة ولكن قانون الله هو الذي سيثبت في النهاية فيذهب الزبد جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال. وعندما بدأت أفلام الجنس SEX) ) في الغرب غصت الرفوف بها فلا ترى الا العري. وانطلقت موجة الستربتيز في الستينات من بريطانيا فزكمت الأنوف وشكلت أشرطة الفيديو 80?% من خزائن النوادي حسب احصائيات مجلة (در شبيجل) الألمانية، وبعد عدة سنوات انكسرت حدتها وتراجعت موجتها الى 20% ثم تحولت الى ظاهرة مخيفة بين (الجمود) و (الانحراف) فالجنس كالسبع الضاري من حرَّضه أكله. ومن رمى له بقطعة لحم عند جوعته أمنه. كما ذكر ذلك (ابن مسكويه) في كتابه (تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق). ولكنها تفعل فعلها السمي اليوم في العالم العربي لأنها تدخل بيئة عذراء غير مهيئة لهذا النوع من الاجتياح في ظل تابو المجتمع العربي.
اقرأ المزيد
العطش الى (القوة) والمزيد من امتلاكها مرض ذكوري. هذا ماقرره بروس كارلتون Bruce charlton) الخبير في علم (التطور). والذكور هم الذين يشنون الحروب. والذكور هم الذين يتحاربون فيَقْتلون ويُقتَلون. والذكور هم الذين أنشأوا المؤسسة العسكرية ورسموا قدر المجتمع بمرض التراتبية الهيراركيHierarchy) ) وخططوا كل نظام المجتمع على صورة (الثكنة) كما أشار الى ذلك (غارودي) في كتابه (في سبيل ارتقاء المرأة). والذكور هم الذين شوهوا التطور الانساني برمته برؤية العالم بعين حولاء ذكورية؛ فلايمكن أن يمشي المرء برجل واحدة إلا في أسطورة (شق وسطيح)، ولايمكن أن يرى بعين واحدة الا إذا انعدمت الرؤية الفراغية، أوتحول الى كائن خرافي بعين واحدة كما في قصة (الاوديسة) عند (هوميروس).
جاء في (السيرة) أن شقاً كان بنصف جسم فإذا مشى قفز على رجل واحدة، وأما سطيح فكان مسطحاً مثل حدوة الحصان بدون مفاصل. والمجتمع (الذكوري) هو الذي دفع المرأة الى شريحة دونية مستضعفة وهي كارثة كونية في كل الثقافات، وفي الثقافة الصينية يعني ضمير المتكم (أنا) المؤنث الى (العبد) وفي الثقافة الهندية تعتبر المرأة خاضعة للرجل من المهد الى اللحد فهو من كتف الاله (فيشنا) وهي من أقدامه. وفي اليابان لم يتقدم المجتمع الا بألغاء نظام الساموراي.
وبالمقابل فإن المرأة هي التي بدأت الثورة الزراعية كما قرر ذلك المؤرخ (ديورانت) فأطعمت عائلتها من جوع ودلف الجنس البشري الى الحضارة؛ فلولا الثورة الزراعية ماتجاوز الجنس البشري مرحلة (الصيد وجمع الثمار) بعد أن دامت مئات الآلاف من السنوات، فتخلصت العائلة من خوف الموت جوعاً ومنها نشأت المدن وازدحمت بالسكان وولدت الاختصاصات وتم تقسيم العمل كما شرح ذلك عالم الاجتماع (دركهايم).
كل ذلك كان وتم ببركة المرأة، ولكن الذكور بنوا الجيوش والحرب والطغيان ومازال. وإذا كان الحاكم ينفخ في الصور فيقول للعباد أنا ربكم الأعلى؛ فإن الزوج يقلده في البيت فيعلن أنه الأعلى لامعقب لحكمه وهو سريع الحساب.
والاستبداد السياسي هو التجلي الأعظم لتراكمات أخطاء البيت واحتكار النصوص بيد طبقة الكهنوت، وخنق التعبير تحت دعوى الخيانة أو الردة، والطغيان يتأسس من خلية العائلة ليظهر في النهاية على شكل تنين سياسي يقذف باللهب على عباد يرتعشون وجلاً خاشعة أبصارهم من الذل.
إن مصادرة الأمة على يد فرد وخلفه النخبة الحاكمة الخفية، سبقتها مصادرة الزوجة والولد في بيت الطاغية الذكر (الترانزستور) الزوج الأب. فإذا أنتجت العائلة الانسان الأخرس الخائف هيأت الجو الاجتماعي للخرس الجماعي المطبق وخشعت الأصوات للحاكم فلا تسمع الا همسا. وعليه فلايمكن (أنسنة) المجتمع بدون استعادة المرأة دورها الطبيعي.
علينا أن نقرر أن المرأة هي التي تحمل الحياة وتنجب الحياة وتحافظ على الحياة، كما جاء في الآية حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا. وهي التي لاتمارس الحرب فإذا مارسته مثل (تاتشر) و (غولدا ماير) فهي عدوى من (وباء) ذكوري قاتل.
المرأة هي مصدر الحب فتخلع معنى على الحياة وتعطيها دفقة الاستمرار، ومع انطفاء الحب ينطفيء معنى الحياة ومبرر وجودها. لأن الحب مشاركة تتجلى في أعظم صورها بالزواج والانجاب وتترك بصماتها على الحياة في ذرية مباركة. والحرب كراهية وارتداد على الذات ونفي للآخر.
وحسب (دانييل جولمان) صاحب كتاب الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence) فإن جوزيف لو دو( joseph le doux) الذي اكتشف (دورة المخ العاطفية) أظهر أمرين: أن هناك ضرب من الذكاء لم ننتبه له حتى الآن وهو غير المتعارف عليه(IQ) كما أن المرأة بواسطة تركيب دماغها تشريحياً تتفوق على الرجل في هذا النوع من الذكاء.
والمرأة (موديل) متطور عن الرجل بحيث تحمل إمكانية أن يتطور الجنس البشري على نحو (انساني) أفضل زكاة وأقرب رحما، ولذلك كان الاستنساخ الجسدي من الأنثى كما حدث مع (دوللي) فمنها خلق وإليها يعود ومنها يخرج تارة أخرى. نحن نعرف من تقنية الاستنساخ أن الذكر لايدخل في العملية وإنما هي كود وراثي يستخرح من أنثى ثم يغطى بلباس من أنثى ثانية ليزرع في رحم أنثى ثالثة. وإذا كانت الأنثى في الاستنساخ هي صاحبة اليد العليما فهذا يقرب لنا أيضا خروج عيسى من رحن امراة بدون ذكر ولقاح جنسي.
وتفاءلت السيدة شفارتزر Schwarzer) ) بولادة المجتمع النسائي الانساني بحيث يمكن الاستغناء عن الذكور المخربين نهائياً للمستقبل أو استبدالهم بجنس معدل سلامي. وهي صاحبة مجلة (لا نريد بورنو POR ...NO..) ) وهو عنوان مثير ولكنها تلاعبت بحركة ذكية بالكلمة (بورنو) التي تعني (الاباحية) وحينما قسمت الكلمة الى شقين انقلب المعنى.
ويذهب الانثروبولوجي (بيتر فارب) في كتابه (بنو الانسان): (أن الذكر لايفترق عن الأنثى الا بعضلاته) ويستعرض في بحث موسع عن الفروق بين الذكر والإنثى ليقرر في النهاية أنها التستستيرون (Testosterone) أي الهورمون الذكري فهو الذي ينمي العضلات عند الذكور، فأذا تعارك ذكر مع انثى غلب الذكر، ويترتب عليها فروق جامحة من شعور المرأة بالحاجة إلى الحماية وهي النتيجة التي خلص فيها الباحث أن المرأة هي التي مكنت الذكر من اعتلاء سدة العائلة وكان يمكن أن لايكون، بل هو أمر يربى عليه الأطفال من الصغر أنهم أقوى وأفضل من الأناث فتنشا الأنثى في الحلية وهي في الخصام غير مبين.
اقرأ المزيد
إن ميزة التفكير العلمي الاستعداد لكل الاحتمالات بما فيها نهاية الكون والجنس البشري. ليس بحماقة إسرائيلية نووية أو حتى غير إسرائيلية، ليس من حماقات البشر باستخدام أسلحة الدمار الشامل، بل بتعرض الأرض لمذنب كما حصل مع انقراض الديناصورات قبل 66 مليون سنة، حينما ضرب أمريكا الوسطى مذنب بقوة خمسة ملايين قنبلة نووية.
وفي تقديري أن هناك خطة للوجود أو هكذا يخيل إلي؛ وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا. وفي حقبة قديمة عم دخان كثيف غشى الناس بعذاب أليم بعد انفجار بركان في أندنوسيا، فلم يبق من البشر سوى 75 ألف نسمة. ومع ذلك تابع البشر طريقهم.
وحسب تحليل الفيلسوف الألماني (إيمانويل كانط) في كتابه (نحو السلام الشامل)، فإن الاضطهاد كان خلف الانشقاق المتتابع لمجموعات البشر، مثل مجموعات النحل عندما تنفصل عن خلاياها وتنشئ خلايا جديدة؛ بل حتى طوفان نوح يبدو في الإضاءة الأنثروبولوجية الجديدة من كشوفات مدينة (سينوب) على ساحل البحر الأسود في تركيا أنه كان شرارة نقل الثورة الزراعية من حواف بحيرة حلوة فاجأها طوفان مدمر كسر عتبة البوسفور وحولها إلى بحر مالح، فهربت شعوب المنطقة التي كانت تملك أسرار الزراعة، وبدأت الحضارة قبل ستة آلاف سنة.
ومن خلال هذا المنظور، فهناك أمل وتفاؤل أن الجنس البشري على الرغم من المعاناة القاسية ـ والتي هي بدورها شرط للنمو ـ أن يولد طبقا عن طبق باتجاه الاستمرار والنمو والدخول في مرحلة الحضارة رقم 3، حيث كانت الحضارات سابقاً تنمو منعزلة عن بعضها البعض ولا تعرف عن بعضها شيئا، كما كانت مفاجأة وصول الأسبان إلى حضارة الازتيك في أمريكا الوسطى. والآن نحن ندخل مرحلة الحضارة رقم 2؛ أي الحضارة العالمية لندخل مرحلة الحضارة رقم 3؛ أي اكتشاف حضارات أخرى في كواكب أخرى. ونحن نعرف اليوم وللمرة الأولى أن هناك كوكبا يبعد عنا خمسين سنة ضوئية، وعن طريق تقنية (ترنح النجم) يمكن كشف الكثير من الكواكب السابحة حول نجوم أخرى وفيها حياة، وبذلك يمكن الوصول إلى حضارة المجرة في ضوء وجود 100 مليار نظام شمسي، مع احتمال وجود حياة على كل 10 ـ 50 نظام شمسي. وكما حدث في رحلة البولونيزيين لاكتشاف المحيط، حيث تم التوسع على شكل قفزات بمعدل قفزة جيل كل 200 سنة، وهذا يعني أننا خلال خمس ملايين من السنين سوف نستعمر كامل المجرة. ورقم خمس ملايين سنة ليس بشيء إذا علمنا أن الشمس عندنا ما زال أمامها خمس مليارات سنة لاستهلاك وقودها.
وفي كتاب (آفاق المستقبل) للمفكر الفرنسي (جاك أتالييه) يقول، إن البداوة ستعود على شكل جديد من الترحل المستمر بأدوات بسيطة، ولكنها كافية مثل الموبايل والبريد الإلكتروني والكمبيوتر الشخصي المتصل بالإنترنيت، وحتى البيوت سوف تستغني عن الرخام والمرمر، كي تصبح أكثر عملية تناسب عصر البداوة الجديدة؛ فكل شيء للاستهلاك والاستبدال. والبريد الإلكتروني اليوم لا يحتاج لصندوق بريد ومفتاح. وهذا التنقل مفيد من جهتين: تحقيق الآية القرآنية بوجود السائحات (مسلمات مؤمنات عابدات تائبات سائحات). وتكرار لما حدث في صلح الحديبية، حيث كان الناس يتقاتلون والجو في غاية التوتر والحواجز السيكولوجية شديدة الكثافة. وتقول الرواية إن الناس دخلوا في دين الله أفواجا، عندما بدأ منطق الحوار. والآن عن طريق الإنترنيت والهجرة الهائلة من العالم الإسلامي ـ حسب مبدأ كانط ـ حيث يزحف عشرات الألوف من المسلمين فارين من الوطن الإسلامي فقراً واضطهاداً من جمهوريات الخوف والبطالة وهم يحملون معهم الإسلام.
صحيح أن الكثير سيموت في بطن سمك القرش الإسلامي، ولكن ستخرج نسخة جديدة معدلة من الإسلام المستنير، ليس من نموذج ابن لادن، بل من نموذج علي عزت بيجوفيتش؛ فهناك نسخ منوعة من الإسلام "وخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا" و"تجدون الناس معادن كمعادن الذهب والفضة"، حيث يعم الإسلام الأرض، وقبل عشرين سنة كان في إيطاليا عشرة آلاف مسلم واليوم أصبحوا مليونا حسب رواية السفير الإيطالي الذي اعتنق الإسلام وأشهر إسلامه بعد أحداث سبتمبر، وفي ألمانيا أكثر من خمسين ألف من الألمانيات انتظمن في جمعية أخذت اسم (أخوات محمد). وفي أمريكا يعتنق الإسلام سنوياً عشرين ألف أو يزيدون. حسب رواية قناة الديسكفري.
في رحلة الجنس البشري حصل خطأ كرموسومي، حيث استولى الذكور على المجتمع، وكان له تأثير سلبي كما يحصل مع انعدام الرؤية الفراغية، عندما يصاب بالحول أو العور، وهكذا تمت هندسة المجتمع على الحرب، وتشكلت كما يقول الفيلسوف الألماني (نيتشه) مؤسسات يدعو عنوانها للضحك؛ فكلها تحمل اسم (وزارات الدفاع) وهذا يحمل بشكل مبطن النية السيئة وإساءة الظن بالجوار أنه يبيت الغدر فوجب الدفاع. ولكن مع برمجة هذه الروح، فلا يهم كثيرا من يهجم ومن يدافع، لأن الحروب تنشأ في هذا الجو وتحت مبرر بريء هو الدفاع عن النفس. والقاتل والمقتول في النار. ومع الحرب والجيش والثكنة تشوه كامل تركيب المجتمع وهندسته، ودفعت المرأة إلى كائن قاصر يفرض عليه الوصاية، ويفصل وينظر إليه كجيب جنسي. وتم تطوير السلاح إلى حده الأقصى، حتى وصل الأمر إلى نقل وقود النجوم من باطنها بعشرة ملايين درجة إلى سطح الأرض. ولكن الخطأ لا يصبح صحاً. كما أن الشجرة الخبيثة لا تؤتي أكلها بإذن ربها، بل اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار. ولذا وصل الذكور النكدون إلى نتيجة القرد الذي انهرس ذنبه في شق الخشب، حينما أراد تقليد النجار في عمله، فتدخل في ما لا يعنيه، فناله ضرب النجار وألم الذنب المعصور. وهذا يعني أن هذا الخلل الكروموسومي يحتاج إلى جراحة جينات متقدمة، ولكن لا بد منها. وإذا كانت جراحة المستقبل هي جراحة الجينات بعد أن تم فك الشيفرة الوراثية الكامل للإنسان على يد (كريج فنتر). كذلك، فإن جراحة اجتماعية هي أكثر من ضرورة لإعادة تركيب المجتمع الإنساني، حيث تعود الرؤية الفراغية الكاملة، ويرتفع العور فبصرك اليوم حديد.
اقرأ المزيد